الهجوم الكبير .. تفاصيل العملية العسكرية الكبيرة للجيش السوداني بالخرطوم

تحسم مستقبل الخرطوم

تفاصيل العملية العسكرية الكبيرة للجيش السوداني

نفذ الجيش السوداني هجوم غير مسبوق شهدته العاصمة السودانية الخرطوم ، وهي عملية عسكرية واسعة في مدن ولاية الخرطوم الثلاث ( الخرطوم، أم درمان، الخرطوم بحري” شاركت فيها قوات برية وجوية وبحرية تقدم خلالها عبر 3 جسور تربط مدن العاصمة نحو أهداف قوات الدعم السريع وسيطر على مواقع مهمة بوسط الخرطوم في تطور بارز بالمعارك التي بدأت قبل 17 شهرا.

وذلك بقيام الجيش السوداني في الساعة الثانية بعد منتصف ليل 26 سبتمبر/ أيلول 2024 بتوجيه ضربة مباغتة لمتمردي مليشيا الدعم السريع (الجنجويد).

وأفادت وكالة “رويترز” نقلا عن مصادر عسكرية سودانية بأن الهجوم يعد “أكبر” عملية من الجيش لاستعادة الأراضي هناك منذ بداية حربه على قوات الدعم السريع المستمرة منذ 17 شهرا.

وقال مسؤول عسكري في وزارة الدفاع إن الجيش عبر جسور النيل الأبيض والفتيحاب والحلفايا التي تربط أم درمان مع الخرطوم والخرطوم بحرين وتقدم باتجاهات مختلفة نحو أهداف إستراتيجية للسيطرة على وسط الخرطوم والتحمت قوات أم درمان التي اقتحمت السوق العربي مع قوات القيادة العامة بوسط الخرطوم مما يعني إنهاء حصارها بصورة كاملة.

وأوضح أن قوات سلاح المهندسين التي عبرت جسر الفتيحاب والنيل الأبيض سيطرت على مقار بنك السودان وشركة زين للاتصالات وشركة بترودار للنفط وفندق كورال والمتحف القومي ومسجد الشهيد.

وتقدمت إلى تخوم الكتيبة الإستراتيجية واستعاد السيطرة على المعمل القومي الطبي “ستاك” مما يربط تواصل الجيش بين أم درمان ووسط الخرطوم وجنوبها وشرقها.

ويقول المتحدث الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته إن الجيش خرج من مقر القيادة العامة بوسط الخرطوم شرقا وغربا ودمر أهدافا لقوات الدعم السريع كما وسعت قوات سلاح الإشارة من انتشارها بوسط الخرطوم بحري، وكذلك القوات التي عبرت جسر الحلفايا من أم درمان إلى الخرطوم بحري وكبّدت الدعم السريع خسائر كبيرة.

وذكر أن الجيش نفذ انفتاحا أيضا في سلاح المهندسين في العيلفون وحطاب في شرق النيل بجانب قوات الكدر وبغرض السيطرة على مقرات وطرق إستراتيجية وتفتيت تجمعات مليشيا الدعم السريع وتوقع أن تستمر العملية أسابيع لاستكمال أهدافها بتحرير العاصمة كاملة من “المليشيا المتمردة”.

وأفاد المصدر ذاته بأن الجيش انفتح غربا في أم درمان كما انفتحت قوات سلاح المدرعات في الخرطوم جنوبا في الأحياء المجاورة مما أدى إلى هروب قوات الدعم السريع نحو المناطق الجنوبية.

“التطويق المزدوج

من جانبها قالت صحيفة “السوداني” نقلا عن مسؤولين عسكريين: “نبشر الشعب السوداني أنه بحمد الله تحركت فجر اليوم قواتكم المسلحة والقوات النظامية وكتائب الإسناد في هجوم بري وجوي وبحري في جميع المحاور نحو الخرطوم”.

وأتبعت: “عبرت القوات جسور نهر النيل في ثبات وبطولة وباغتت المليشيا المتمردة، ولقنتها درسا بليغا ولقي المئات منهم مصرعهم وفر الآلاف منهم ومازالت قواتنا تطاردهم في أسواق وأحياء الخرطوم” بحسب البيان.

ووصفت مواقع سودانية تقدم الجيش عبر تلك المحاور في الخرطوم بأنه التقاء أجنحة جديد حدث بمقابلة قوات من شمال أم درمان متمثلة في وادي سيدنا مع قوات معسكر الكدرو عبر عبور المانع المائي “crossing of Bridges” المتمثل في “جسر الحلفايا”.

ثم قيادة تلك القوات هجوما مشتركا فيما يعرف بعملية “التطويق المزدوج” للمليشيات بالانفتاح جنوب الكدرو العسكرية.

وهو ما دعا الخبير السوداني المختص في الشؤون الأمنية والعسكرية عامر حسن عباس للإعلان بأن: “العملية الهجومية الواسعة للجيش السوداني التي انطلقت اليوم ستؤسس لوضع جديد للحرب في السودان”.

وأضاف: “ستظهر نتائجها النهائية خلال الأسابيع القادمة وسيكون لها تحول نوعي له ما بعده”.

“حرب الجسور

من جهته قال السياسي السوداني الدكتور إبراهيم عبد العاطي لـ”الاستقلال” إن “الأهمية الأساسية للمعركة الأخيرة تكمن في السيطرة على جسور الخرطوم”.

وأضاف: “لو نظرنا إلى الوضع قبل الهجوم فسنجد أنه من بين 10 جسور رئيسة تربط مدن الخرطوم على النيلين الأزرق والأبيض ونهر النيل كان الجنجويد يسيطرون على 6 جسور مقابل جسر واحد للجيش فيما خرجت ثلاثة جسور من الخدمة بعد ضربها وهو ما ضمن لهم تفوقا نوعيا على الأرض”.

وأكمل: “بسيطرة الجيش على الجسور سيتم ربط جميع قواته وأسلحته ببعضها وسيمنع وصول أي إمداد يأتي لقوات المتمردين من شرق النيل وسيحولهم إلى مجموعات منعزلة يسهل ضربها والقضاء عليها خاصة أن الجيش يتفوق بامتلاك سلاح الجو”.

وأتبع: “لابد أن نذكر مدى استفادة الجيش من تدمير جسر شمبات في نهاية 2023 وكان هو السبب الرئيس في تحقيق التقدم الذي أحرزه في أم درمان”.

وأضاف: “بعد أشهر قليلة من تدمير الجسر الإستراتيجي على النيل الأبيض تمكن الجيش من استعادة مبنى الإذاعة والتلفزيون وعدد من الأحياء في أم درمان القديمة بعد شهور من سيطرة الجنجويد عليها”.

يذكر أن جسر شمبات كان يشكل أحد أهم مصادر الإمداد لقوات الدعم السريع وهو ما مكنه من السيطرة على أجزاء كبيرة من أم درمان

ويظهر من الهجوم الأخير للجيش أنه بنى خطته الرئيسة على استعادة السيطرة على المدينة عبر قطع الإمداد عن قوات الدعم السريع من خلال تحييد الجسور الرئيسة تحديدا جسر الحلفايا.

المصادر: https://2h.ae/PqWp    https://2h.ae/DDEx

إيران زودت الجيش السوداني بمسيرات

تفاصيل التقاط صور لطائرات «مهاجر 6» في قاعدة وادي سيدنا

“الطريق إلى المعركة

ويأتي السؤال الذي يطرح نفسه أمام هذا التقدم للجيش متمثلا في العامل الفارق الذي رجح كفة القوات المسلحة وكيف وصلت إلى تلك النقطة بعد أشهر طويلة من القتال؟

في البداية تأتي نقطة الأسلحة الإستراتيجية الفارقة والاعتماد على قوى إقليمية مختلفة منها إيران.

ففي 24 يناير/كانون الثاني 2024 نشرت وكالة “بلومبرغ” تقريرا ذكرت فيه: “أن أقمارا اصطناعية التقطت صورا لطائرة من نوع (مهاجر 6) الإيرانية في قاعدة خاضعة لسيطرة الجيش شمالي الخرطوم”.

ونقلت الوكالة الأميركية عن ثلاثة مسؤولين غربيين طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم لكشفهم عن معلومات حساسة “أن الجيش السوداني تلقى شحنات من طائرة (مهاجر 6) وهي مسيرة ذات محرك واحد تم تصنيعها في إيران”.

وذكرت أن الطائرة تحمل ذخائر موجهة بدقة وأكد محللون فحصوا صورا للأقمار الاصطناعية وجود الطائرة من دون طيار في البلاد.

وكشف “ويم زوين نبرغ” رئيس مشروع نزع السلاح في “منظمة باكس” الهولندية أن “من بين الأدلة التي تثبت وجود (مهاجر 6) في السودان صور الأقمار التي التقطت المسيرات في قاعدة وادي سيدنا الجوية (الخاضعة لسيطرة الجيش).

ووفقا لبلومبيرغ فإن مهاجر 6 قادرة على شن هجمات (جو – أرض) والحرب الإلكترونية والاستهداف المباشر في ساحة المعركة.

المصدر: https://2h.ae/RhjL

كتائب الظل تخرج إلى النور لإنقاذ الجيش السوداني من ورطته

ولا يمكن إنكار الدور الذي لعبته كتائب الحركة الإسلامية السودانية في دعم الجيش والحفاظ على قواته وأماكن تمركزه في العاصمة.

فعندما حاولت قوات الجنرال محمد حمدان دقلو حميدتي المدعومة إماراتيا إخضاع عاصمة السودان بجانبيها “الخرطوم وأم درمان” بالكامل.

استنفرت كتائب الحركة الإسلامية نفسها وأسهمت في تعطيل تقدم المليشيا.

وهو ما أكده الناطق باسم الدعم السريع “الفاتح قرشي” في 2 يوليو/ تموز 2024 بالقول إن الجيش السوداني بمساعدة كتائب الحركة الإسلامية المتحالفة معه دمروا جسر الحلفايا الرابط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان.

وأشار إلى أن الكتائب الإسلامية ساعدت الجيش في تدمير الجسر لإعاقة تقدم وهجوم القوات (المتمردة).

خبراء عسكريون سودانيون أكدوا أنه لولا إسناد الكتائب الإسلامية للجيش السوداني لكانت نتيجة المعارك أسوأ كثيرا ولأصبحت المليشيا المتمردة في أوضاع ميدانية أفضل ولأخضعت كثيرا من الولايات بسهولة على رأسها العاصمة الخرطوم.

“معركة أم درمان”

ولا يغفل أن أحد أهم الأدوار التي لعبتها كتائب الحركة الإسلامية عموما و”البراء بن مالك” خصوصا هو دورهم في صد هجوم الدعم السريع على مدينة “أم درمان” ومنع سقوطها.

ففي 4 فبراير 2024 أعلن الجيش السوداني في بيان أن فرق سلاح المدرعات جنوب الخرطوم وبمساعدة المقاومة الشعبية نفذت عملية عسكرية نوعية ناجحة على خطوط العدو (الدعم السريع) وكبّدتهم خسائر فادحة في العتاد والأرواح.

ولأول مرة منذ بدء الاقتتال بين طرفي الصراع في السودان بدأت قوات الجيش السوداني تتمركز في سوق مدينة أم درمان الرئيس بعد طرد مليشيا الدعم السريع.

وبفضل إسناد الكتائب الإسلامية القوي نشرت الصفحة الرسمية للقوات المسلحة في 8 فبراير 2024 مشاهد مصورة لـ عبد الفتاح البرهان وهو يتفقد المواقع الأمامية للقوات المسلحة بمنطقة أم درمان.

وقد وأوردت صحيفة “سبق” المحلية السودانية في 5 فبراير أن “كتائب الحركة الإسلامية” أخرجت فرقا خاصة بينها “استخبارات المقاومة في أم درمان القديمة”.

وهي المدينة التي تمثل جزءا مهما من العاصمة ويتقاسم السيطرة عليها الجيش والدعم السريع.

وساعدت الفرق الجيش في هجومه المباغت وهي تضم كوادر شعبية مدربة ومنتقاة مهمتها جمع المعلومات حول أماكن وجود “الدعم السريع” ورصد تحركاتهم، ومعاونة الأجهزة العسكرية في تصويب الضربات الجوية والمدفعية لمراكزها.

لذلك فإن انتصارات وتقدم الجيش الكبير الذي حدث في الخرطوم جاء كنقطة ضمن سلسلة طويلة من الإستراتيجيات التي تبناها خلال المرحلة الماضية.

وأوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد سلطان أن الحركة الإسلامية في السودان باختلاف تنويعاتها أعلنت دعمها للجيش بما في ذلك جماعة الإخوان المرتبطة بالتنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين بقيادة المراقب العام عادل عبدالله، والجماعة المحلية برئاسة مولانا سيف الدين أرباب، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم سابقا.

وأضاف أن “هذا الدعم وإن ظهر في البداية كدعم سياسي فإنه يتعزز الآن بالمزيد من المعلومات والتقديرات التي ذهبت إلى أن بعض كوادر الحركة الإسلامية انضمت إلى الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع”.

ورجح أن تكون الكوادر التي انضمت إلى الجيش جاءت من خلفية استخباراتية وأمنية بجانب ارتباطاتها التنظيمية وهذا لا يمنع أن تتجه الحركة الإسلامية إلى تأسيس كيانات مسلحة وبدعم من المؤسسة العسكرية نفسها عقب اتساع رقعة القتال.

وشدد على أن “الصراع الحالي يمنح فرصة جيدة لمشاركة الإسلاميين خاصة في مجتمع يعج بالملايين من الأسلحة خارج الإطار الرسمي”.

ومن المتوقع أن يلجأ الجيش إلى تنظيم بعض منتسبي الحركة الإسلامية في صورة مجموعات قتالية بشكل غير علني فالجيش لا يريد منح قوات الدعم السريع فرصة لتأكيد روايتها التي تفيد بأن الصراع ضد إسلاميين يدعمهم الجيش ويحركهم ولذلك يريد البرهان توظيف ورقة الإسلاميين سياسيا وعسكريا كأفضل ما يكون التوظيف دون استعداء سافر لبعض الدول الإقليمية أو تحويل الصراع من نزاع عسكري إلى صراع ديني.

المصدر: https://2h.ae/cdzN

أهداف العملية العسكرية للجيش السوداني في الخرطوم

يرى الخبير العسكري والأمني سالم عبد الله أن قيادة الجيش التي كانت تلمح خلال الفترة الماضية لعملية واسعة تستهدف بالانفتاح البري المتزامن في مدن العاصمة لأول مرة منذ بدء الحرب تدمير ما تبقى من قوة صلبة لقوات الدعم السريع وزيادة الضغط عليها لدفعها إلى الانهيار واستعادة المواقع التي تسيطر عليها للضغط عليها في ولايتي الجزيرة وسنار.

وحسب حديثه فإن توقيت العملية يتزامن مع وجود رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش في نيويورك ومخاطبته الجمعية العامة للأمم المتحدة لتوجيه رسائل بأن زمام المبادرة في يد الجيش وقوات الدعم السريع تتراجع مما يحسّن موقفه السياسي والعسكري ويمنحه أوراقا في أي مفاوضات محتملة.

ويرجح بأن الجيش حصل على أسلحة وعتاد جديد بعدما شاركت عشرات المقاتلات والمسيّرات في عملية الخرطوم وسيطرت على أجوائها وتزامنا معها قصفت مقاتلات أخرى أهدافا لقوات الدعم السريع حول الفاشر في شمال دارفور وود مدني عاصمة ولاية الجزيرة ومواقع أخرى في ولاية سنار.

“المباغتة والتزامن

ولكنه يستبعد أن تكون العملية العسكرية حاسمة لاستعادة الجيش كافة المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في العاصمة خلال فترة وجيزة حيث تتركز القوات في مناطق ثقلها بالصالحة في جنوب أم درمان المنفتحة على ولايتي شمال كردفان والنيل الأبيض وكذلك في جنوب الخرطوم وشرق النيل وفقا للمتحدث.

أما الخبير العسكري العميد المتقاعد جمال الشهيد فيقول إن ما يميز العملية العسكرية للجيش أنها كانت مباغتة ومتزامنة في عدة محاور مما أفقد قوات الدعم السريع التركيز حيث كانت تركز قواتها في محور واحد لمنع تقدم الجيش، كما رافقت العملية العسكرية عمليات جوية وبرية في مواقع بولايات شمال دارفور والجزيرة وسنار والنيل الأبيض مما شتت جهود “عدوه”.

وفي حديثه قال: أن عبور الجيش 3 جسور تربط أم درمان مع الخرطوم والخرطوم بحري واستعادة السيطرة على مواقع مهمة سيفتح الطرق والجسور أمام حركة المواطنين بعدما كانت مغلقة من الدعم السريع.

وحسب المتحدث فإن عملية الخرطوم ستكون بداية لنهاية الحرب في الخرطوم وتمنح الجيش دفعة لإنهاء سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق في ولايات دارفور والجزيرة وسنار وتعكس تراجع قوات الدعم السريع وضعف روحها المعنوية وتوقع مواصلة العملية لاستعادة كل المواقع.

وبرأيه فإن من مؤشرات عملية الخرطوم هو مشاركة القوات المسلحة بكافة وحداتها البرية والجوية والبحرية وبجانبها قوات المخابرات والقوات الخاصة وقوات المستنفرين.

المصدر: https://2h.ae/DDEx

البرهان يدعو الأمم المتحدة لتصنيف قوات الدعم السريع جماعة إرهابية

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان إنه يؤيد الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب المدمرة في بلاده طالما أنها تضع حداً لـ”احتلال” الأراضي من قبل قوات الدعم السريع المتنافسة.

وفي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قال البرهان إن دول المنطقة تقدم التمويل والأسلحة والمرتزقة لقوات الدعم السريع دون أن يسمي دولة أو جهة بعينها.

ودعا البرهان في خطابه الأمم المتحدة إلى “تصنيف الميليشيا المتمردة كجماعة إرهابية” متهماً قوات الدعم السريع بعرقلة جهود السلام.

وقال في خطابه “علينا أن نُوصّف تمرد مليشيا الدعم السريع وصفاً حقيقياً بأنها قوة مسلحة تمردت على الدولة وارتكبت جرائم ترقى لتصنيفها كجماعة إرهابية، وهذا من واجب هذه المنظمة”.

وأشار إلى استعداد حكومة السودان “للانخراط في أي مبادرة تنهي هذه الحرب متى كانت هذه المبادرة تدعم المِلكية الوطنية للحل وتنهي احتلال الميليشيات المتمردة لمختلف المناطق”.

وأكد أن الحكومة المدعومة من الجيش لن تقبل مشاركة أي دولة تدعم قوات الدعم السريع في عملية السلام وأن أي عملية من هذا القبيل ينبغي أن تشمل إلقاء قوات الدعم السريع سلاحها والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة.

وأضاف: “نحن مستمرون في هزيمة هؤلاء المعتدين وطردهم، بغض النظر عن مقدار المساعدة والدعم الذي يجدونه”.

بدوره أكد قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي) الخميس ايضاَ استعداده لتنفيذ وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد وتسهيل توصيل المساعدات.

وذكر دقلو في كلمة مسجلة موجهة للجمعية العامة للأمم المتحدة “بلادنا ما تزال تعيش واقعاً مأساوياً أفرزته الحرب التي أشعلها النظام القديم (..) وأن حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي تفجرت جراء رفضنا الانقلاب على الحكومة المدنية”.

وأتت تصريحات البرهان ودقلو بعدما أطلق الجيش السوداني فجر الخميس هجوماً لاستعادة الأراضي في العاصمة السودانية الخرطوم وبحري إلى الشمال منها، بنيران المدفعية الثقيلة والضربات الجوية.

ولم يصدر عن قوات الدعم السريع بيانات رسمية حول هجوم قوات الجيش على مواقعها في الخرطوم.

المصدر: https://2h.ae/QUMl

نيويورك تايمز: الإمارات تؤدي “لعبة مزدوجة قاتلة” في السودان

سلطت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية الضوء على الدور الذي قالت إن الإمارات تلعبه في الصراع في السودان، موضحة أنها تعمل على توسيع “حملة سرية” لدعم الطرف المتوقع أن يكون المنتصر في الحرب الأهلية في السودان وتقصد قوات الدعم السريع كما اتهمتها بالتخفي تحت راية الهلال الأحمر لتهريب الأسلحة ونشر الطائرات بدون طيار.

“لعبة مزدوجة قاتلة

وذكرت الصحيفة أن الإمارات تلعب لعبة مزدوجة مميتة في السودان البلد الذي مزقته واحدة من أكثر الحروب الأهلية كارثية في العالم.

وأشارت إلى أنها في محاولة لتعزيز دورها كقوة إقليمية تعمل الإمارات على توسيع حملتها السرية لدعم المنتصر في السودان حيث تقوم بتوجيه الأموال والأسلحة والآن، طائرات بدون طيار قوية إلى المقاتلين الذين يندفعون في جميع أنحاء البلاد وفقًا لمسؤولين ومذكرات دبلوماسية داخلية وصور الأقمار الاصطناعية التي حللتها “نيويورك تايمز”.

وفي الوقت نفسه تقول الصحيفة  تقدم الإمارات نفسها كبطل للسلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية. وتستخدم أحد أشهر رموز الإغاثة في العالم وهو الهلال الأحمر، نظير الصليب الأحمر كغطاء لعمليتها السرية لإرسال طائرات بدون طيار إلى السودان وتهريب الأسلحة إلى المقاتلين، كما تظهر صور الأقمار الاصطناعية ويقول المسؤولون الأميركيون للصحيفة.

وترى “نيويورك تايمز” أنه تم تغذية الحرب في السودان الغنية بالذهب والتي يبلغ طول ساحلها على البحر الأحمر حوالي 500 ميل، من قبل مجموعة كبيرة من الدول الأجنبية مثل إيران وروسيا وكذلك الإمارات التي تتولى مهمة إمداد الأطراف المتحاربة بالسلاح على أمل ترجيح كفة الميزان لصالح الربح أو المكاسب الاستراتيجية الخاصة بها في حين يقع شعب السودان في مرمى النيران المتبادلة.

لكن المسؤولين يقولون إن الإمارات تلعب الدور الأكبر والأكثر أهمية على الإطلاق حيث تتعهد علناً بتخفيف معاناة السودان حتى في حين تعمل سراً على تأجيجها، بحسب الصحيفة.

وتقول الإمارات إنها أوضحت “بشكل قاطع” أنها لا تسلح أو تدعم “أياً من الأطراف المتحاربة” في السودان بل على العكس من ذلك، تقول إنها “منزعجة من الكارثة الإنسانية المتسارعة” وتدفع نحو “وقف فوري لإطلاق النار” بحسب الصحيفة.

لكن لأكثر من عام ذكرت الصحيفة أن الإمارات كانت تدعم سراً قوات الدعم السريع وهي المجموعة شبه العسكرية التي تقاتل الجيش السوداني من أجل السيطرة على ثالث أكبر دولة في أفريقيا.

“دلائل على تهريب الأسلحة الإماراتية”

ووفقا للصحيفة أكد محققو الأمم المتحدة في يناير تحقيقاً أجرته “نيويورك تايمز” العام الماضي يفصل عملية تهريب الأسلحة الإماراتية عندما استشهدوا بأدلة “موثوقة” على أن الإمارات تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على السودان لمدة عقدين من الزمان.

والآن أوضحت الصحيفة أن الإماراتيين يعملون على تضخيم حملتهم السرية حيث يتم إطلاق طائرات بدون طيار صينية الصنع قوية وهي الأكبر من نوعها على الإطلاق في حرب السودا، من مطار عبر الحدود في تشاد قامت الإمارات بتوسيعه إلى مطار عسكري مجهز تجهيزاً جيداً.

وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أنه تم بناء حظائر للطائرات وتركيب محطة تحكم بالطائرات بدون طيار. وقد توصل تحليل صحيفة “نيويورك تايمز” لبيانات تتبع الرحلات الجوية إلى أن العديد من طائرات الشحن التي هبطت في المطار أثناء الحرب كانت تنقل في السابق أسلحة للإمارات إلى مناطق صراع أخرى، مثل ليبيا، حيث اتُهم الإماراتيون أيضًا بانتهاك حظر الأسلحة.

ويقول المسؤولون الأميركيون إن الإماراتيين يستخدمون المطار الآن لتسيير طائرات عسكرية بدون طيار متقدمة لتزويد قوات الدعم السريع بمعلومات استخباراتية عن ساحة المعركة ومرافقة شحنات الأسلحة إلى المقاتلين في السودان لمراقبة الكمائن.

ومن خلال تحليل صور الأقمار الاصطناعية، حددت صحيفة “نيويورك تايمز” نوع الطائرة بدون طيار المستخدمة، وتبين أنها “وينغ لونغ 2” وهو نموذج صيني غالبًا ما يُقارن بطائرة “إم كيو-9 ريبر” التابعة للقوات الجوية الأميركية.

وتُظهر الصور بحسب الصحيفة مخبأ ذخيرة واضحًا في المطار ومحطة تحكم أرضية لطائرة “وينغ لونغ” بجانب المدرج على بعد حوالي 750 ياردة فقط من مستشفى تديره الإمارات والذي عالج مقاتلي قوات الدعم السريع الجرحى.

ووفقا للصحيفة تستطيع الطائرة “وينغ لونغ” الطيران لمدة 32 ساعة ويبلغ مداها 1000 ميل ويمكنها حمل ما يصل إلى اثني عشر صاروخًا أو قنبلة. ويقول المسؤولون إنه حتى الآن لا يبدو أن الطائرات بدون طيار تقوم بغارات جوية خاصة بها في السودان لكنها توفر المراقبة وتحديد الأهداف في ساحات المعارك الفوضوية.

وهذا يجعلها “مضاعف قوة مهم” كما قال جيه مايكل دام زميل بارز في معهد ميتشل للدراسات الجوية ومقره فرجينيا للصحيفة.

وبعد الإقلاع من القاعدة قد يتم توجيه الطائرات بدون طيار عن بعد من الأراضي الإماراتية كما يقول الخبراء والمسؤولون للصحيفة. ومؤخرًا تم رصدها وهي تقوم بدوريات في السماء فوق مدينة الفاشر السودانية المحاصرة حيث يتضور الناس جوعًا وتحاصرهم قوات الدعم السريع.

وذكرت الصحيفة أن الفاشر موطن لنحو مليوني شخص وتتزايد المخاوف من أن الحرب على وشك أن تشهد ارتكاب المزيد من الفظائع.

“منظمات الإغاثة غاضبة

وتشعر منظمات الإغاثة بالغضب بشكل خاص من الإمارات وتتهمها بإدارة “عملية مساعدة وهمية” لإخفاء دعمها لقوات الدعم السريع وفقًا لما قاله جيريمي كونينديك رئيس منظمة اللاجئين الدولية ومسؤول سابق في إدارة أوباما وبايدن، للصحيفة.

وقال عن الإماراتيين: “إنهم يريدون الأمرين معًا. إنهم يريدون .. دعم عميلهم من الميليشيات وغض الطرف عن كل ما يفعلونه بأسلحتهم. ويريدون أن يظهروا وكأنهم عضو بناء وملتزم بالقواعد في النظام الدولي”.

وخلص المسؤولون إلى أن الإمارات أرسلت مجموعة من الأسلحة أيضًا، بحسب الصحيفة. وكتب سفير الاتحاد الأوروبي في السودان، إيدان أوهارا، في مذكرة سرية حصلت عليها “نيويورك تايمز” في فبراير أن “تسليم الطائرات بدون طيار ومدافع الهاوتزر وقاذفات الصواريخ المتعددة وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة لقوات الدعم السريع من قبل الإمارات ساعدها في تحييد التفوق الجوي” للجيش السوداني.

وتضمنت المذكرة تأكيدات مذهلة أخرى من بينها أن مرتزقة فاغنر الروسية دربوا قوات الدعم السريع على استخدام الصواريخ المضادة للطائرات التي قدمتها الإمارات.

“جزء من دور أوسع في أفريقيا

وترى الصحيفة أنه يبدو أن الدور الإماراتي جزء من دور أوسع نطاقًا في أفريقيا وفي العام الماضي، أعلنت الإمارات عن استثمارات بقيمة 45 مليار دولار في مختلف أنحاء القارة بحسب المحللين وهو ما يقرب من ضعف ما تستثمره الصين. ومؤخرا توسعت الإمارات في مجال جديد وهو الحرب.

وأوضحت الصحيفة أن الإمارات قلبت دفة الحرب الأهلية في إثيوبيا في عام 2021 من خلال تزويد رئيس الوزراء آبي أحمد بطائرات بدون طيار مسلحة في نقطة حاسمة من القتال ما ساعده في النهاية على الخروج منتصرا والآن يبدو أنها تحاول تكرار نفس الإنجاز في السودان مع قوات الدعم السريع.

وفي العام الماضي عندما بدأت طائرات الشحن في الهبوط في مطار أمجراس على بعد 600 ميل شرق العاصمة التشادية نجامينا، قالت الإمارات إنها جاءت لإنشاء مستشفى ميداني للاجئين السودانيين.

لكن في غضون أشهر اكتشف المسؤولون الأميركيون أن المستشفى الذي تبلغ تكلفته 20 مليون دولار يعالج سرا مقاتلي قوات الدعم السريع وأن طائرات الشحن تحمل أيضًا أسلحة تم تهريبها لاحقًا إلى المقاتلين داخل السودان.

وأظهر تحليل “نيويورك تايمز” لصور الأقمار الاصطناعية وسجلات الرحلات الجوية أن الإماراتيين أقاموا نظام الطائرات بدون طيار في نفس الوقت الذي كانوا يروجون فيه لعمليتهم الإنسانية.

المصدر: https://2h.ae/OTND

الأطماع الإماراتية في السودان

الموقع الجيوستراتيجي للسودان والموارد الطبيعية المتمثلة في المياه والأراضي الزراعية والثروة الحيوانية والمعادن جعلت من السودان مسرحاً جاذباً للصراع الدولي والإقليمي يأتي ذلك في الوقت الذي يتزايد فيه التنافس بين الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي مع روسيا والصين على الهيمنة على النظام العالمي خاصة بعد تفجُّر الحرب الأوكرانية وتداعياتها السلبية على الاقتصادات الغربية فضلاً عن التقاطُعات والتناقُضات الإقليمية بين كل من مصر وإيران والإمارات. 

السودان -بما يملكه من ثروات- يُعَدّ دولة في قلب التنافس العالمي والإقليمي على الموارد الطبيعية في إفريقيا بما يحويه من الذهب والمعادن الأخرى، إضافة إلى البترول والغاز الطبيعي والمنتجات الزراعية والحيوانية وتتيح الحرب الدائرة على الأرض بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و”قوات الدعم السريع ” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، مساحات أكبر لنفوذ المتنافسين إقليمياً ودولياً. 

منذ فترة طويلة أدركت الإمارات مدى أهمية الموانئ البحرية في الاقتصاد العالمي وخدمة أهدافها الخارجية فأقامت شركة “موانئ دبي” وبعد أن أصبحت رقماً صعباً في محيطها بدأت في التوسع خارج حدودها في ظل تمدُّد الإمارات في ميناء عصب بإريتريا وسواحل جنوبي اليمن ويزداد اهتمامها بالسواحل السودانية. ولم تُخْفِ أبو ظبي أطماعها البحرية في منطقة القرن الإفريقي والسودان منذ انطلاق قطار الربيع العربي ومن قبله بقليل فلم تترك مناسبةً ولا حدثاً إلا وتسعى لتوظيفه من أجل تفعيل أجندتها. 

هناك ثلاثة موانئ رئيسية في السودان على ساحل البحر الأحمر وأكبرها الميناء الجنوبي المتخصص في استقبال الحاويات الأخير دخل في غطاء لاستثماره إبان النظام السابق وتحديداً في عام 2019 شاركت فيه شركة فلبينية والإمارات لكنه فشل بعد أن انخرط عمال الموانئ في احتجاجات شعبية وكذلك بعض المدنيين باعتبار أن الصفقة تخدم مصالح تلك الدول وليس السودان ولم تتوقف أطماع الإمارات في الموانئ السودانية. 

وقد جرى في كانون الأول/ ديسمبر 2022 توقيع اتفاق بين الحكومة السودانية وتحالُف إماراتي يضم شركتَيْ “موانئ أبوظبي” و”إنفيكتوس للاستثمار” التي يديرها رجل الأعمال السوداني أسامة داود ويقضي بتطوير ميناء “أبو عمامة” على ساحل البحر الأحمر باستثمارات تصل إلى 6 مليارات دولار. وجاء هذا التطوُّر بعد النفي المتكرر لدخول الحكومة السودانية في أي صفقات من هذا النوع لتؤكد مراسم التوقيع الذي احتضنه القصر الرئاسي بالخرطوم التفاصيل المسربة سابقاً حول المشروع والذي من المرشَّح أن يواجه اعتراضات أهلية واسعة شرق البلاد وتنبع هذه الاعتراضات من كون ميناء “أبو عمامة” المَنْوِيّ تطويره ينافس الميناء الرئيسي في بورتسودان كما أنه يثير مخاوف جماعات مهتمة بالبيئة من تأثيراته السلبية لوقوعه في منطقة محمية تم تسجيلها لدى منظمة اليونسكو ضِمن التراث الطبيعي العالمي. 

 بعد اندلاع الحرب مؤخراً في نيسان/ إبريل 2023 واتهام السلطات السودانية للإمارات بدعم قوات الدعم السريع تم التراجع عن تنفيذ الاتفاقية ويبدو أن قضية الموانئ من أهم العوامل الدافعة لتورُّط الإمارات في السودان. 

تحولت دولة الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية إلى سوق رئيسية للذهب الإفريقي الذي تحصل عليه الميليشيات المسلحة في عدد من الدول بشكل غير قانوني وتبيعه بالطريقة نفسها وهو ما يعزز الصراعات ويعصف بالمكتسبات الأمنية بالقارة السمراء وتواجه الإمارات اتهامات متواترة بالسعي لتعزيز هيمنتها على أكثر من بلد، خاصة في منطقة القرن الإفريقي وذلك للاستيلاء على ثروات هذه البلاد عَبْر دعم الميليشيات وتغذية الصراعات المحلية ومن أهم تلك الصراعات الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. 

أطماع نهب ذهب السودان تُشكِّل كلمة السر في تحالُف دولة الإمارات مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” يُذكر أن الإمارات تطمع بالتحكُّم في إنتاج الذهب السوداني ويُشار إلى أن “جبل عامر” هي منطقة إستراتيجية تقع في شمال دارفور وقد لعبت دوراً جوهرياً في رسم الخريطة السياسية والاقتصادية بالسودان منذ انفصال الجنوب الغني بالنفط عن الشمال عام 2011، فضلاً عن أن منطقة سنقو تقع في جنوب نيالا التي تسيطر قوات الدعم السريع على مناجم الذهب فيها الجدير بالذكر أنه بعد الانفصال بدأ السودان في البحث عن بدائل فوجد ضالته في التعدين وخاصة الذهب. 

مؤسسة “غلوبال ويتنس” المتخصصة في الأبحاث الاستقصائية، كشفت منتصف تموز/ يوليو الماضي عن قيام شركة “كالوتي” التي تدير مصفاة للذهب وتتخذ من الإمارات مقرّاً لها باستيراد ذهب السودان الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع كما أكدت التقارير ذاتها أن دولة الإمارات استولت بتلك الطريقة على 50 طناً من الذهب عَبْر حميدتي والتي تزيد قيمته عن 1.3 مليار دولار سنوياً وذلك خارج إطار وزارة المالية فالحصول على الذهب المنهوب من السودان مصدر مهمّ للاقتصاد الإماراتي وأسهم في تعزيز نفوذها. 

“رهانات الإمارات على قوات الدعم السريع” 

حصل تأييد إماراتي للقادة الجُدُد في المجلس العسكري السوداني بعد سقوط البشير بحيث إنهم أشرفوا على العمليات العسكرية السودانية في حرب اليمن وتربطهم علاقات وطيدة مع دول الخليج الداعمة لتيار “الثورات المضادة” في المنطقة وقد حمل الدعم الإماراتي لرئيس المجلس العسكري السوداني الجديد الفريق عبد الفتاح البرهان مؤشراً لبَدْء تدخُّل خارجي محتمَل قد يغيّر مسار المكاسب التي حققتها الاحتجاجات السودانية التي استمرت على مدار أربعة أشهر والتي كان في مقدِّمتها عزل البشير عن رأس السلطة بعد حكم استمر 30 عاماً. 

فقد أعلنت أبوظبي ترحيبها بتعيين البرهان قائداً للمجلس العسكري الانتقالي في السودان وقدمت  حزمة من المساعدات الإنسانية تشمل المشتقات البترولية والقمح والأدوية تعيين البرهان جاء بعد إقالة المجلس العسكري رئيسه الأسبق عوض بن عوف الذي لم يبقَ في المنصب سوى 48 ساعة فقط بعد عزل البشير وتعيين قائد قوات الدعم السريع محمد دقلو نائباً له فضلاً عن إقالة واسعة لكبار القادة العسكريين وإعادة تشكيل رئاسة الأركان العسكرية بالكامل ما يثير تساؤُلاً حول طبيعة الدور الخارجي في إدارة المرحلة الانتقالية في السودان. 

وما إن أعلنت الإمارات تقديم الدعم للشعب السوداني حتى انفجرت موجة من الغضب إزاء هذه الخُطوة إذ حذر ناشطون من أن الهدف وراء الدعم الالتفاف على الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام حكم البشير المستمر منذ ثلاثين عاماً على غرار ما قامت به هذه الدول في بعض دول الربيع العربي. 

منذ أكثر من عَقْدين من الزمن ودولة الإمارات تتزعم الحرب التي تُشَنّ على كل حركات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وإفريقيا والهدف الأول للإمارات في هذه الحرب هو جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مهدداً لأمنها القومي ومصالحها ومن المعروف أن الحكومة السودانية برئاسة عمر البشير تستند على فكر الإسلام السياسي حيث حكمت السودان فترة 30 عاماً مما يعني أن الأفكار أصبحت راسخة في مؤسسات الدولة ولدى شرائح واسعة من المجتمع مما أسهم في دفع الإمارات للانخراط بشكل فاعل في التأثير على القوى السياسية وإعادة صياغة الجيش السوداني. 

وقد عملت أبوظبي على اختراق المؤسسة العسكرية ممثَّلة في المجلس العسكري الانتقالي وذلك من خلال محاولة استمالة رئيس المجلس الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لا سيما مع احتمالات وجود صِلات سابقة بينه وبين أبوظبي ذلك أن الفريق البرهان -الذي كان قائداً للقوات البرية- كان مشرفاً على القوات السودانية ضِمن التحالف العربي في اليمن خاصة في ظل غياب القادة العسكريين المؤثرين داخل المؤسسة بعد استقالة كل من الفريق وزير الدفاع ورئيس المجلس العسكري الذي أطاح بالبشير، الفريق أول عوض بن عوف والفريق كمال عبد المعروف رئيس هيئة الأركان المشتركة فضلاً عن إحالة عدد من الضباط إلى التقاعد لا سيما المتهمين بولاءات لحزب المؤتمر الوطني. 

الإمارات في سبيل تنفيذ أجندتها المتمثِّلة في القضاء على تيارات الإسلام السياسي في السودان دعمت وجود الفريق محمد حمدان (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع والذي عُيِّن نائباً لرئيس المجلس الانتقالي والذي يملك أوراق ضغط مهمة داخل النظام العسكري الحالي حيث وفَّرت له الإمارات قُدرات وإمكانيات وعلاقات إقليمية لا سيما مع إسرائيل و”فاغنر”. 

“مستقبل الدعم الإماراتي

قمة التصعيد في التوتُّر بين البلدين كانت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 حينما خرج الفريق ياسر العطا، مساعد القائد العامّ للقوات المسلحة علناً واتهم الإمارات وتشاد بتقديم الدعم لقوات الدعم السريع حينها تبادل الطرفان طَرْد عدد محدود من الدبلوماسيين المعتمَدين لدى العاصمتين وأبقيا على التمثيل الدبلوماسي بينهما وعاد الفريق ياسر العطا في شهر أيار/ مايو الماضي ليكرر الاتهامات ذاتها بعد أن تقدَّم السودان بشكوى رسمية لمجلس الأمن بشأن التدخُّل الإماراتي في شؤونه الداخلية. كما رفضت الحكومة السودانية علناً مشاركة أبو ظبي في منبر جدة بعد أن كان مقترحاً مشاركة الإمارات ومصر في هذه المفاوضات باعتبار تأثيرهما على طرفَي النزاع. 

 ونشرت وكالة السودان للأنباء (سونا) لاحقاً ملفاً قالت إنه يحوي أدلةً بشأن “حرب الإمارات على السودان” قدّمته الحكومة السودانية إلى مجلس الأمن. بالاطلاع على الملف، نجد أنه يحوي مضبوطات مزعومة لعدد من الأسلحة والقِطَع العسكرية وأجهزة الاتصال والتجسُّس التي يدّعي التقرير أنها إماراتية المصدر إضافة إلى عدد من وثائق الهُوِيَّة لشخصيات إماراتية يقول التقرير إنه عُثر عليها في مناطق شهدت معارك داخل السودان. 

واتهم التقرير النهائي لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المقدَّم في الفقرة 2 من القرار 2676 (2023) الصادر في 15 كانون الثاني/ يناير 2024 وكذلك بعض التقارير الصحفية الإماراتِ بأنها ورَّدت الأسلحة والذخيرة إلى قوات الدعم السريع بواسطة رحلات جوية عَبْر تشاد ووفقاً للمعلومات التي جمعها فريق الأمم المتحدة من مصادر في تشاد ودارفور حول هذا الدعم، كانت هذه الادعاءات “ذات مصداقية”.

 وورد في التقرير: “كان لهذه القوة النارية الجديدة تأثير هائل على توازُن القُوى على الأرض سواء في دارفور أم المناطق الأخرى” وعدّد التقرير أنواع الأسلحة المورَّدة بما شمل المُسيَّرات القتالية (UCAV)، ومدافع الهاوتزر وقاذفات الصواريخ المتعددة والأسلحة المضادّة للطائرات مثل منظومات الدفاع الجوي المحمولة التي شُوهِدت في نيالا والفاشر والجنينة، بالإضافة إلى ذلك فرضت وزارة الخزانة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عقوبات على شقيق حميدتي ونائبه عبد الرحيم دقلو وبعض القيادات بسبب “الدور الفاعل في أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك ارتكاب مذابح ضدّ المدنيين والقتل العِرْقي واستخدام العنف الجنسي”

المصدر: https://2h.ae/IJUt

“فورين بوليسي”: لإنهاء حرب السودان يجب الضغط على الإمارات

قالت مجلّة “فورين بوليسي” الأميركية في مقالٍ نشر في أغسطس /آب الماضي أن السودان الذي مزّقته حرب كارثية يعاني الآن “استجابة إنسانية فاشلة ومُسيّسة” لافتةً إلى أن الأزمة المستمرة هناك وصلت إلى أبعاد كارثية ومع ذلك تظل استجابة المجتمع الدولي غير كافية على الإطلاق مُشدّدةً على أنّ إيقاف الحرب يتطلب “ضغطاً على الإمارات”.

وأوضح مقال المجلّة أن سلسلة من الأخطاء والمناورات السياسية أدت إلى “تقويض الجهود الرامية إلى تقديم المساعدة لأولئك الذين هم في حاجة ماسة إليها”، وأنّه لم تتم محاسبة قوات الدعم السريع عن كثير من أعمال العنف وعن مواصلة تدمير احتياطيات البلاد الغذائية مطالباً بـ”اهتمامٍ فوري وتحولٍ جذري في النهج من جانب القادة والمؤسسات العالمية”.

وبحسب المقال فإنّ جوهر هذا الفشل يتمثّل بـ”التأخّر المستمر لمجلس الأمن في معالجة النتائج التي توصّلت إليها لجنة الخبراء بشأن السودان” مُذكّراً بأن هذه النتائج “توثّق مزاعم موثوقاً بها بشأن تورط الإمارات في انتهاك حظر الأسلحة المفروض على دارفور من خلال تزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة والذخيرة”.

وأضافت أن هذا التسويف لا يقوّض الحالة الطارئة للأزمة فحسب بل يسمح أيضاً للتدخل الخارجي المحتمل بـ”الاستمرار من دون رادع” مشيرةً إلى أنّ المناقشات “لا تقدم آلياتٍ جديدة لفرض إنهاء الهجمات على المدنيين” في الوقت الذي تُعَدّ الجهود الدبلوماسية حاسمة.

ولفت المقال إلى “الافتقار إلى المساءلة لأولئك الذين يرتكبون العنف ويستغلون المجاعة سلاحاً يؤدي إلى تفاقم أزمة السودان” مشيرةً إلى أن “الدعم السريع تواصل أعمالها من دون عقاب وتستمر في تدمير احتياطيات البلاد من الغذاء في حين شهدت المناطق التي لا تزال تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية محاصيل طبيعية”.

ووفق مقال “فورين بوليسي” فإن من الأهمية بمكان “وقف إمدادات الأسلحة من الإمارات لقوات الدعم السريع عبر تشاد” وخصوصاً في مطار “أمجراس” حيث يُقال إنّ طائرات الشحن الجوي الإماراتية تهبط وتفرغ الأسلحة التي يتم نقلها بعد ذلك عبر الحدود إلى معاقل قوات الدعم السريع في دارفور”.

وقال المقال إن “النهج الحالي في التعامل مع حرب السودان فاشل” داعياً إلى محاسبة الإمارات و”الدعم السريع” على جرائمهما بحق المدنيين في السودان”.

المصدر: https://2h.ae/qznt