5 موانئ مصرية تتحول لمنافذ إمداد رئيسية لإسرائيل خلال حرب غزة

0

5 موانئ مصرية تتحول لمنافذ إمداد رئيسية لإسرائيل خلال حرب غزة “رصد سفنً تنقل بانتظام بضائع لحيفا وأشدود”

تحوّلت موانئ بحرية مصرية إلى محطات رئيسية للعديد من سفن شحن البضائع والإسمنت التي اقتصرت مهمتها بشكل رئيسي على نقل الحمولات بشكل دوري من وإلى الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة الحرب على غزة ورصد “عربي بوست” نشاط 19 سفينة لأشهر عدة مضت وتتبع عبر بيانات بحرية خاصة المسار البحري لهذه السفن الذي اقتصر على التنقل ذهاباً وإياباً بين موانئ إسرائيلية وموانئ مصرية.

هذه السفن الـ19 التي تتبعنا تنقلها بين موانئ مصرية وإسرائيلية ومن بينها سفينة مصرية ليست هي الوحيدة التي تبحر ذهاباً وإياباً بين الموانئ المصرية والإسرائيلية وتنقل حمولتها للاحتلال فهنالك عشرات السفن الأخرى التي تنقل البضائع بين الجانبين لكن نشاطها لم يكن مقتصراً بشكل رئيسي على التنقل بين مصر وإسرائيل كحال السفن الـ19.

وخلال الفترة التي رصدنا فيها وصول السفن إلى الموانئ الإسرائيلية، فلم تصل سفناً من دول عربية إلى موانئ إسرائيلية سوى من مصر، وهنالك رحلات أخرى مجدولة للإبحار بانتظام بين موانئ الجانبين في الأيام المقبلة.

وتُعد الموانئ المصرية نقاط حيوية لنقل البضائع من وإلى الاحتلال الإسرائيلي وذلك بسبب قربها من الموانئ الإسرائيلية لا سيما ميناء أشدود الذي يبعد عن غزة نحو 29 كيلومتراً إضافة إلى ميناء حيفا الاستراتيجي ونظراً لاقتراب الموانئ من بعضها فإن ذلك يقلل من تكلفة الشحن الذي ينعكس بدوره على أسعار السلع المشحونة بالسفن.

تنقل السفن بين موانئ مصرية وإسرائيلية

والتتبع الذي أجراه “عربي بوست” للسفن التي تنقل بشكل دوري حمولتها إلى إسرائيل انطلاقاً من مصر يستند إلى بيانات خاصة بنشاط 7 موانئ، اثنان منها إسرائيليان وهما أشدود وحيفا و5 مصرية جميعها مطلة على البحر الأبيض المتوسط وهي بورسعيد، وأبوقير، والإسكندرية، والدخيلة، ودمياط.

واقتصرت فترة التتبع لنشاط السفن على الأشهر الثلاثة الأخيرة (يونيو ويوليو وحتى 22 أغسطس 2024) وتتبعنا بشكل خاص السفن التي خلال هذه الفترة كانت معظم رحلاتها مقتصرة بين الموانئ المصرية والإسرائيلية والتي لم يكسر هذا الرتم من التنقل بين ميناء الجانبين، إلا رحلات قليلة جداً وقصيرة أجرتها لطرف ثالث مثل قبرص.

تتنوع السفن الـ19 بين 7 سفن شحن لنقل حاويات البضائع و6 سفن لنقل الإسمنت و5 سفن شحن عامة وسفينة لنقل البضائع السائبة التي يُقصد بها البضائع غير المعبأة مثل الحبوب، والسكر، والفحم.

وأجرت هذه السفن عشرات الرحلات لنقل الحمولات بين مصر وإسرائيل خلال فترة الحرب على غزة وترسو لأيام معدودة في الموانئ المصرية والإسرائيلية (بين يوم إلى ثلاثة أيام) ثم تتجه لتفريغ حمولتها وتنتظر نفس الفترة في الموانئ التي وصلت إليها ثم تعود مجدداً للإبحار إلى نفس الجهة التي أتت منها.

سفن لنقل حاويات البضائع

وفيما يتعلق بنقل البضائع بين موانئ مصرية وموانئ إسرائيلية أظهرت بيانات تتبع نشاط السفن خلال الأشهر الثلاثة الماضية أن 12 سفينة (7 لنقل حاويات البضائع و5 سفن شحن عامة) اقتصر عملها بشكل رئيسي على التنقل بين الإسكندرية ودمياط والدخيلة وبورسعيد والعريش وبين مينائي حيفا وأشدود الإسرائيليين.

أبحرت هذه السفن تحت أعلام “بنما، وليبيريا، وإسرائيل، ومصر، وأنتيغوا وباربودا، وسنغافورة، وسانت كيتس ونيفيس (بلد في البحر الكاريبي)”.

وتُشير بيانات “vesselfinder” لتتبع حركة السفن التي حصل عليها “عربي بوست” إلى أن ملكية هذه السفن الـ12 الخاصة بنقل البضائع تعود إلى شركات في مصر، وإسرائيل، وتركيا، واليونان، وسنغافورة، وألمانيا، وقبرص، والشيء المشترك بعمل معظم هذه السفن الـ 12 أن أكثر جهتين أبحرت إليهما هذه السفن خلال العامين الماضيين (2022، و2023) هما مصر وإسرائيل.

من بين السفن الأكثر إبحاراً إلى موانئ مصر وإسرائيل سفينة شحن البضائع “LUCY BORCHARD” التي تبحر تحت علم “أنتيغوا وباربودا” وتعود ملكيتها إلى شركة في ألمانيا إضافة إلى سفينة “Pan GG” المصرية، وتظهر البيانات أن:

– سفينة “LUCY BORCHARD” أبحرت خلال العام 2023 لموانئ إسرائيلية 25 مرة، وموانئ مصر 23 مرة وخلال العام 2022 أبحرت لموانئ إسرائيلية 24 مرة وموانئ مصر 24 مرة أيضاً.

– سفينة “Pan GG” أبحرت إلى ميناء أشدود في العام 2023، 28 مرة، وإلى ميناء حيفا 4 مرات وفي العام 2022 أبحرت إلى ميناء أشدود 41 مرة.

وتعود ملكية السفينة المصرية إلى مجموعة “بان مارين” المصرية للشحن التي تم إنشاؤها في عام 1978 ومن خلال بحثنا عن الرقم التعريفي للسفينة (IMO) وصلنا إلى بياناتها في قاعدة بيانات “المنظمة البحرية الدولية” التي أظهرت أن السفينة مملوكة لـ”Pan Marine Shipping Co” وأنه تم تسجيل السفينة في مصر وسبق أن كشف “عربي بوست” عن نشاط هذه السفينة وإبحارها المتكرر إلى الموانئ الإسرائيلية.

سفن لنقل الإسمنت تبحر ذهاباً وإياباً لإسرائيل

وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة التي رصدنا فيها حركة السفن بين مصر وإسرائيل وجدنا أن 6 سفن اقتصر عملها بشكل رئيسي على التنقل بين الموانئ المصرية والموانئ الإسرائيلية وهذه السفن مخصصة لنقل الإسمنت، الذي يعد حيوياً في مشاريع البناء.

اللافت في عمل سفن نقل الإسمنت التي تم رصدها أنه خلال العامين 2022 و2023، لم تكن الموانئ المصرية ضمن قائمة أكثر الموانئ التي أبحرت إليها هذه السفن لكن رحلاتها خلال أشهر الحرب على غزة أصبحت متركزة بين إسرائيل ومصر.

والخط الذي تسلكه هذه السفن بشكل رئيسي يقتصر على موانئ مصرية وهي العريش، وأبو قير، والإسكندرية في مصر، ومينائي حيفا وأشدود الإسرائيليين، وتوجد في كل من العريش، والإسكندرية، مصانع لإنتاج الإسمنت المصري.

وتظهر الصور بيانات خاصة بنشاط السفن الـ 6 خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وكيف اقتصر عملها بشكل رئيسي على التنقل بين الموانئ المصرية والإسرائيلية وتعود ملكية هذه السفن إلى شركات في اليونان وجزر مارشال، وإسرائيل، وسويسرا.

تزايد حجم التجارة بين مصر وإسرائيل

وخلال فترة الحرب على غزة زادت مصر من صادراتها ووارداتها مع إسرائيل مقارنة بفترة ما قبل الحرب، بحسب بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي الرسمي.

وبحسب البيانات التي تم الإطلاع عليها بلغت قيمة صادرات مصر إلى الاحتلال خلال الفترة من أكتوبر 2023، وحتى 31 يوليو/تموز 2024، 170.1 مليون دولار، فيما بلغت قيمة الصادرات خلال نفس الأشهر من العامين 2022 و2023، 162.8 مليون دولار.

وضاعفت مصر من قيمة وارداتها من إسرائيل خلال فترة الحرب على غزة إذ تُشير بيانات مكتب الإحصاء الإسرائيلي إلى أن مصر استوردت من إسرائيل منذ أكتوبر 2023 وحتى 31 يوليو/تموز 2024، ما قيمته 331.6 مليون دولار فيما بلغت قيمة الواردات خلال نفس الأشهر من العامين 2022، و2023، 106.8 مليون دولار.

ويُعد شهر يوليو/تموز 2024 أعلى شهر في قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى مصر إذ بلغت 30.6 مليون دولار كما سجل الشهر نفسه أعلى معدل من الواردات الإسرائيلية إلى مصر بقيمة 45.4 مليون دولار.

ويأتي تزايد حجم التجارة بالتزامن مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة منذ يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وخلفت الحرب ما لا يقل عن 133 ألفاً بين شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء وما يزيد على 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة تجتاح الأنحاء المختلفة من القطاع.

المصدر: https://2h.ae/aobB

كيف تساعد مصر في تخفيف الحصار البحري على إسرائيل؟

في ديسمبر العام الماضي نشر تقرير على موقع القناة 12 الإسرائيلية بعنوان “التمرين الذي نظمته شركات الشحن لتجاوز الحصار الحوثي”، تطرق إلى أن شركات الشحن تدرس تفريغ الحاويات المتجهة إلى إسرائيل في موانئ وسيطة في اليونان أو قبرص أو مصر – ونقلها من هناك في سفن مخصصة إلى إسرائيل خلال 4-5 أيام فقط.

وقال التقرير: توجد موانئ وسيطة في تركيا أو اليونان أو قبرص أو مصر والتي سيتم إدراجها كموانئ الوجهة على سندات الشحن للسفن المغادرة من الموانئ الشرقية. وبعد وصولها إلى هذه الموانئ سيتم تفريغ الحاويات المتجهة إلى إسرائيل ونقلها إلى سفن أصغر ستواصل رحلتها إلى موانئ إسرائيل. وبالتالي، فإن السفينة التي تغادر الصين وعلى متنها بضائع متجهة إلى إسرائيل ستحصل على بوليصة شحن وهمية تشير إلى تسليم الحاويات إلى ميناء بيرايوس في اليونان. وبعد الرسو في اليونان سيتم تحميل الحاويات على سفينة صغيرة جديدة ستغادر إلى إسرائيل.

وقال يلاد غور أرييه وكيل الجمارك ووكيل الشحن الدولي في الكيان الإسرائيلي إن هذا وإن كان يضيف التكلفة إلا أنه أفضل من العبور حول أفريقيا.

من خلال تتبع الملاحة البحرية نجد تصاعدا في النقل بين الموانئ التي حددها الكيان كوجهات ترانزيت مع الموانئ الإسرائيلية في فلسطين المحتلة وهو ما يشير إلى بدء الكيان في العمل على التكتيك بمساعدة من الدول المالكة للموانئ.

وتبرز موانئ مصر في مقدمة هذه الموانئ ويبدو أنها تحقق أفضلية لدى الكيان كونها أقرب ولا تكلف المسافة سوى يوم واحد وقد لاحظنا من خلال تتبعنا للملاحة أن سفينة أو اثنتين يوميا تبحر من مصر إلى الكيان كما سيبين هذا التحقيق:

 سفينة SYMPHONY وهي سفينة صغيرة حمولتها نحو أربعة آلاف طن تقوم بنقل الحاويات التي يتم استيرادها من قبل الكيان عبر موانئ مصر وتركيا إلى ميناء أسدود في فلسطين المحتلة كما تقوم بنقل صادرات الكيان إلى هذه الموانئ.

خلال شهر أبريل الماضي قامت هذه السفينة بست رحلات ذهابا وإيابا ما بين ميناء أشدود في فلسطين المحتلة وميناء العريش في مصر ورحلتي ذهاب وإياب من وإلى ميناء AKCANSA  التركي.

سفينة ELBSAILOR  وهي سفينة حجم متوسط ولذلك تقوم بنقل الحاويات من ميناء ليماسول في قبرص وميناء بيرايوس في اليونان ومن ثم ميناء دمياط في مصر وتقوم بتفريغها إما في ميناء حيفاء أو أسدود،  وتظهر سجلاتها أنها قد تقوم بحمل حاويات من موانئ تركيا.

السفينة أغلقت جهاز التعارف عند رسوها في ميناء دمياط المصري بتاريخ 3 مايو لكنها أعادت تشغيله عقب خروجها من ميناء أشدود وتوجهها نحو ميناء حيفاء ما يؤكد انتقالها بشكل مباشر من دمياط إلى أشدود.

سفينة NAVMARINE 4 وهي سفينة صغيرة الحجم تحمل 4,453 طن وتقوم بنقل البضائع ما بين الموانئ المصرية وموانئ فلسطين المحتلة وتشمل في بعض الرحلات الموانئ التركية.

منذ 20 مارس وحتى 5 أبريل زارت ميناء العريش المصري في رحلتين كل منهما ذهاب وإياب.

سفينة MSC SHEILA وهي سفينة متوسطة الحجم تحمل 12,396 طن وتقوم بنقل الحاويات من موانئ الترانزيت المذكورة إلى موانئ فلسطين المحتلة ثم نقل الصادرات إلى هذه الموانئ.

سفينة ANITA A وتحمل 8494 طن وهذه السفينة تقوم أيضا بنقل الواردات الإسرائيلية التي يتم تفريغها في موانئ مصر وموانئ تركيا إلى موانئ الكيان في فلسطين المحتلة ومن ثم تقوم بنقل الصادرات إلى ذات الموانئ.

سفينة HALO  تبلغ حمولتها الإجمالية 5275 طن وتقوم بنقل الواردات الإسرائيلية من الموانئ المصرية والتركية إلى موانئ فلسطين المحتلة كما تقوم بنقل الصادرات.

سفينة MORNES تبلغ حمولتها (5,385 طن) وهي سفينة تخفي وجهتها في أغلب الأحيان لكنها ظهرت كما يبين سجل نشاطها المعلن في ميناء أشدود في 17 أبريل وفي 20 أبريل ظهرت في ميناء العريش وهي تتجه برحلة مباشرة  إلى أشدود.

سفينة SC POTOMAC وهي سفينة متوسطة الحجم تحمل 10308 طن، وتقوم برحلات مباشرة ذهاب وإياب ما بين موانئ مصر على قناة السويس  وميناء أشدود.

تظهر سجلاتها رحلتين خلال الفترة 28 أبريل 2 مايو من أسدود إلى السويس لكن يتم إخفاء نشاطها عند العودة.

سفينة REGINA MED وتبلغ حمولتها الإجمالية 7,988 يظهر سجلها أنها تقوم برحلات مباشرة ما بين موانئ مصر وموانئ العدو في فلسطين المحتلة وفي حين تقوم بإيقاف جهاز التتبع في بعض الأوقات يخلو سجل نشاطها القريب من أي موانئ أخرى غير الموانئ المصرية والموانئ الإسرائيلية في فلسطين المحتلة.

سفينة MSC REET II وهي سفينة متوسطة الحجم تبلغ حمولتها 18,334 طن وتقوم بمهام نقل ترانزيت للصادرات والواردات الإسرائيلية من وإلى موانئ مصر ، تركيا، قبرص، اليونان.

سفينة SEAVEN GRACE وهي سفينة صغيرة الحجم تبلغ حمولتها 3,982 وتظهر سجلاتها قيامها برحلة من ميناء حيفاء إلى ميناء الدخيلة المصري والعودة مرة أخرى إلى حيفا -قبل إعلان إفلاسه وتوقف الميناء بالكامل- وذلك في الفترة ما بين 3-8 أبريل الماضي.

المصدر: https://2h.ae/lQSY

ميناء إيلات.. مرفأ إسرائيلي شلّته عملية طوفان الأقصى؟

ميناء إستراتيجي ومنفذ إسرائيل الوحيد إلى البحر الأحمر، وبوابتها إلى آسيا والشرق الأقصى له أهمية اقتصادية وعسكرية لذا حرصت السلطات الإسرائيلية على تطويره كما ساعدت اتفاقيات السلام العربية الإسرائيلية على ازدهاره.

أصبح نقطة ضعف إسرائيلية في النزاعات الإقليمية ونتيجة إغلاق طريق الملاحة إليه من دول ومنظمات عربية تراجع النشاط التجاري فيه حتى توقف عن العمل كليا “لعجز السفن عن الوصول إليه بسبب هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) في البحر الأحمر” في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 حسب ما نشرته صحيفة معاريف الإسرائيلية.

الموقع والمناخ

يقع ميناء إيلات في المدينة التي تحمل الاسم نفسه في أقصى جنوب فلسطين المحتلة عند ملتقى صحراء النقب مع رأس خليج العقبة في بيئة صحراوية قاحلة بين مدينتي العقبة الأردنية شرقا، وطابا المصرية غربا.

وتتمتع المنطقة بمناخ صحراوي جاف فالشتاء قصير دافئ والصيف طويل وحار وتتراوح درجات الحرارة على مدار العام بين 10 و40 درجة مئوية في الغالب ونادرا ما تقل عن 7 درجات مئوية أو تزيد عن 42 درجة مئوية أما نسبة هطول الأمطار فمتدنية ولا تتجاوز في العادة 15 يوما طوال العام.

الأهمية

يُشكل ميناء إيلات مشروعا وطنيا إستراتيجيا لإسرائيل وركيزة أساسية لاقتصاد المدينة ونموها فهو يمثل البوابة الجنوبية لإسرائيل ومنفذها الوحيد إلى البحر الأحمر الذي يعدّ أحد أهم الممرات المائية في العالم ومن خلاله تتمكن الملاحة الإسرائيلية من الوصول إلى دول الشرق الأقصى وآسيا وشرق أفريقيا بأقصر الطرق وأقلها تكلفة، عن طريق توفير رسوم العبور بقناة السويس، واختصار المدة الزمنية للرحلة.

وعبر ميناء إيلات يمر نحو 5% من تجارة إسرائيل، وما يقارب 50% من تجارة المركبات فيها وتصل عمليات المناولة في الميناء إلى مليوني و100 ألف طن من البضائع الجافة و70 ألف سيارة و50 ألف حاوية سنويا. ويُصدّر عبره الفوسفات والبوتاس والمعادن والخامات وتستورد إسرائيل من خلاله النفط والأخشاب ومواد البناء والمواد الغذائية والمركبات.

كما يشكّل الميناء منفذا بحريا مهمّا للركاب لا سيما السياح الذين يفِدون إلى المدينة بعدد يقارب مليون شخص سنويا للاستمتاع بجمال الصحراء والرياضات المائية والحياة البحرية الغنية والمحميات المرجانية التي تشتهر بها المدينة على مستوى العالم.

تحول الميناء منذ أغسطس/آب 1985 إلى منطقة تجارة حرة، تتمتع بميزة إعفاء الشركات من رسوم الاستيراد ومثّل ذلك عامل جذب وعنصرا مهما للمنافسة التجارية مع المواني الأخرى ودفع إلى زيادة حركة التجارة والإيرادات في الميناء.

ومن جانب آخر للميناء أهمية إستراتيجية عسكرية وأمنية لدى قوات الاحتلال تتجلى في قدرته على استيعاب سفن حربية قريبة من الجبهات الجنوبية جاهزة لمواجهة الضربات القادمة من ذلك الاتجاه.

مميزات وعوائق

يمتلك الميناء مجموعة من الأرصفة مهيأة للتعامل مع معظم البضائع ويوفر رصيفا خاصا بالنفط الخام يمكن أن يستوعب ناقلات حمولتها تصل إلى 300 ألف طن، وغاطس يصل إلى 27 مترا.

ويبلغ طول أرصفة البضائع السائبة والعامة والحاويات 528 مترا إضافة إلى غاطس يصل إلى 12 مترا كما يوجد رصيف ضحل بطول 202 متر وغاطس يبلغ 5.5 أمتار.

ويشتمل الميناء على مساحات تخزين ضخمة لحفظ البضائع المختلفة إذ تبلغ سعة مخازن الشاطئ 160 ألف متر مكعب بينما يتسع مخزن “رمات يوتام” لـ16 صهريجا ومليون و100 ألف متر مكعب ويتوفر مخزن للحاويات مساحته 28 ألف متر مربع ويتسع لنحو 2100 حاوية ويمكن للحظائر أن تتحمل ما مقداره 170 ألف طن من البضائع السائبة ويساعد الهواء الجاف وقلة الأمطار على إتاحة ظروف مناخية ملائمة للتخزين.

وتولي إدارة الميناء أهمية للتطور وتقنية المعلومات وتستخدم معدات وأجهزة حديثة لتسهيل سير العمل والسيطرة على النظام الأمني كما يُعتنى بشكل خاص بالحفاظ على جودة البيئة وتوفير مرافق ومعدات من شأنها أن تساعد على ذلك ويوفر الميناء بالإضافة إلى ذلك خدمة إصلاح وصيانة السفن.

وعلى الرغم من كونه ميناء بحريا كبيرا فإن موقع ميناء إيلات المتطرف في أقصى جنوب البلاد وبُعده عن المراكز التجارية والصناعية في إسرائيل فضلا عن عدم توفر شبكة للسكك الحديدية في المدينة قد حدّ من قدرة الميناء على توسيع حركة النشاط التجاري فيه مقارنة بالمواني الإسرائيلية الأخرى.

الاحتلال الإسرائيلي

احتلت إسرائيل “أم الرشراش” في 1949 وأصبحت المنطقة تحمل اسم “إيلات” وبدأت باستقبال السفن القادمة من البحر الأحمر وخليج العقبة في مرفئها منذ أوائل الخمسينيات من القرن العشرين غير أن المرفأ لم يكن صالحا لرسو السفن بسبب افتقاره للمرافق وكانت السفن تفرغ حمولتها على قوارب صغيرة في عرض البحر ومن هنا رأت الحكومة الإسرائيلية ضرورة تطوير الميناء لأهميته الإستراتيجية للبلاد من جهة وكونه مشروعا أساسيا لتطوير مدينة إيلات من جهة أخرى.

وفي 1955 أُنشئ الميناء القديم في المدينة واستمر العمل فيه بضع سنوات، ثم برزت أهمية تطويره في 1956، إثر العدوان الثلاثي على مصر الذي حقق لإسرائيل الحصول على حرية الملاحة في خليج العقبة وفتح المجال واسعا أمام التجارة الإسرائيلية مع آسيا وأفريقيا والشرق الأقصى الأمر الذي أدى إلى عجز الميناء عن استيعاب النشاط الملاحي الكبير.

ومن جهة أخرى فإن تدفق كميات ضخمة من النفط الإيراني إلى ميناء إيلات وإعادة ضخها إلى أوروبا عبر ميناء عسقلان بحاجة إلى مرافق أوسع ففي بداية الستينيات قررت سلطات الاحتلال إنشاء ميناء جديد في المدينة جنوب الميناء القائم آنذاك وافتتح المشروع في سبتمبر/أيلول 1965 وخلال حقبة السبعينيات ازدهر الميناء وتوسعت التجارة الإسرائيلية مع الأسواق النابضة بالحياة في آسيا، لا سيما اليابان واستمر تطوير نشاطات الميناء في العقود التالية.

وبحلول 2005 بدأ ميناء إيلات العمل بصفته شركة حكومية مستقلة عن هيئة المواني وهو ما ساعد على زيادة إيراداته كونه مشروعا تجاريا مربحا.

وفي 2013 خصخصت هيئة المواني الحكومية الميناء إذ باعت امتياز تشغيله لشركة “بابو ماريتايم” لمدة 15 عاما بهدف زيادة المنافسة وتحسين جودة العمل.

اتفاقيات السلام تعزز ازدهار الميناء

عززت اتفاقيات السلام بين إسرائيل والدول العربية نشاط حركة الملاحة في ميناء إيلات فقد أدت اتفاقية “كامب ديفيد” بين مصر وإسرائيل في 1979 إلى فتح قناة السويس أمام الملاحة الإسرائيلية وأتاح لها ذلك طرقا جديدة للتجارة وعملت إدارة الميناء على تنمية العلاقات التجارية مع المواني المصرية وصياغة مبادرات جديدة في مجال الشحن.

وهيّأت اتفاقية السلام مع الأردن في 1994 المجال لتوسيع الملاحة التجارية الإسرائيلية عبر ميناء العقبة الذي يقع على بعد 5 كيلومترات شرق إيلات وطُوِّر عدد من المشروعات المشتركة لمنطقة إيلات العقبة وأصبح ميناء العقبة يمثل أهمية لإسرائيل في مجال شحن الحاويات على وجه الخصوص.

ووفر ميناء العقبة كذلك ميزات مهمة لإسرائيل عبر المشروعات المشتركة مع ميناء إيلات منها:

  • إتاحة خطوط بديلة مستقرة.
  • إمكانية شحن البضائع إلى الدول العربية، لا سيما دول الخليج.
  • تقديم خدمة التصدير إلى الشرق الأقصى برسوم أقل من النصف مقارنة بالرسوم التي تفرضها المواني الإسرائيلية على الجهات نفسها.

وعلى إثر اتفاقية السلام بين إسرائيل والإمارات العربية سنة 2020 برز مشروع “إيلات-عسقلان” إلى السطح من جديد إذ وقّع الطرفان اتفاقية تقضي بنقل النفط الإماراتي إلى ميناء إيلات عبر ناقلات عملاقة ثم يُعاد ضخه مرة أخرى إلى الغرب عبر ميناء عسقلان ولكن الاتفاقية توقفت جرّاء الاحتجاجات الداخلية في إسرائيل بسبب الضرر الذي قد يُلحقه المشروع بالبيئة.

الإغلاق الحوثي وصدامات عسكرية في البحر الأحمر

بعد معركة “طوفان الأقصى” التي وقعت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما تبعها من عدوان إسرائيلي على قطاع غزة أعلن الحوثيون انخراطهم في الحرب ضد إسرائيل ونفّذوا حصارا على ميناء إيلات من خلال اعتراض السفن المتجهة منه وإليه واستهدافها بالصواريخ والمسيّرات عند مرورها بمضيق باب المندب، وكذلك أصبح ميناء إيلات نفسه هدفا للصواريخ والمسيّرات الحوثية.

وأفضت تلك الحالة إلى عبور غير آمن للسفن في البحر الأحمر ما دفع كثيرا من الشركات العالمية الكبرى إلى وقف عبور سفنها بالبحر الأحمر أو تغيير مساراتها بالالتفاف حول جنوب أفريقيا الأمر الذي تسبب في إطالة مدة الرحلات بين أسبوعين إلى 3 أسابيع وأدى إلى زيادة التكاليف المادية لتلك الرحلات.

وقد تسبب التوتر بارتفاع سعر الشحن من ميناء إيلات وارتفعت كلفة تأمين السفن الإسرائيلية وتعطلت الصفقات وعمليات التبادل التجاري، وأصيب ميناء إيلات بالشلل وصرح الرئيس التنفيذي للميناء مع نهاية 2023 أن النشاط الملاحي في الميناء قد هوى بنسبة 85% منذ بدء عمليات الحوثيين في البحر الأحمر.

وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية ردا على هجمات الحوثيين عن مبادرة أمنية متعددة الجنسيات أُطلق عليها “حارس الازدهار”، وذلك يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2023، بهدف تأمين حرية الملاحة في البحر الأحمر.

وتصدت القوات البحرية البريطانية والأميركية ضمن نشاطات التحالف للمسيّرات والصواريخ التي أطلقها الحوثيون على السفن التي تعبر مضيق باب المندب.

وفي يوم 12 يناير/كانون الثاني 2024 صعّدت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا المواجهة وهاجمتا أكثر من 30 موقعا عسكريا للحوثيين في اليمن شملت نحو 150 ضربة، ثم استهدفت الولايات المتحدة في اليوم التالي مواقع أخرى وفي غضون أيام تكررت عمليات استهداف التحالف للمواقع الحوثية وردّ الحوثيون على الضربات بمهاجمة السفن التابعة للتحالف الأمر الذي زاد من حدة التوتر والصدامات العسكرية في المنطقة.

وفي أواخر يوليو/تموز 2024 نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن الرئيس التنفيذي لميناء إيلات جدعون غولبر قوله إن “العمل في الميناء توقف كليا لعجز السفن عن الوصول إليه بسبب هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين) في البحر الأحمر”.

وأضافت أنه تم إغلاق الميناء منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 “بسبب الأزمة المستمرة في البحر الأحمر، وانتقلت نشاطاته إلى ميناءي أسدود وحيفا كما تم تسريح عدد كبير من العمال”.

وأكد غولبر أن حجم خسائر الميناء بلغ 50 مليون شيكل أي قرابة 14 مليون دولار.

المصدر: https://2h.ae/bjGF

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *