رأس بناس.. مصر تواصل التفريط بأراضيها الاستراتيجية

مصر تجهز “رأس بناس” للبيع على غرار مشروع “رأس الحكمة”
بدأت مصر وضع مخطط استثماري لمنطقة “رأس بناس” على البحر الأحمر بهدف طرحها على شركات القطاع الخاص لتطويرها على غرار مشروع “رأس الحكمة” بحسب وزير الإسكان شريف الشربيني.
توصف “رأس بناس” بأنها من أكبر تجمعات الشعاب المرجانية البكر في العالم ويمتد لسان شبه الجزيرة بطول 50 كيلومتراً داخل مياه البحر الأحمر وتضم ميناء برنيس القديم.
وكشف الشربيني خلال مؤتمر صحفي السبت الماضي في القاهرة أن عملية تسليم أراضي المرحلة الأولى من مشروع “رأس الحكمة” للجانب الإماراتي ستبدأ مطلع أكتوبر المقبل وتُنجز بالكامل في 15 نوفمبر.
وقّعت مصر والإمارات، في فبراير صفقة استثمار عقاري استحوذت بموجبها شركة “القابضة” (ADQ) على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة على ساحل البحر الأبيض المتوسط مقابل 35 مليار دولار على أن تحتفظ الحكومة المصرية بحصة 35% من المشروع وعائداته.
“مخزون بتريليوني جنيه”
الشربيني قدّر قيمة مخزون الأراضي والوحدات التابعة لوزارة الإسكان “التي تمّ حصرها وسيتم طرحها تباعاً” بتريليوني جنيه.
موضحاً أن المستثمر المصري “سيتم التعامل معه بالجنيه لتقليل سحب الدولار من البنك المركزي ومنع عودة السوق السوداء في حين هناك منصة إلكترونية خاصة للشراكات المصرية الأجنبية لإتاحة الفرص الاستثمارية بالدولار عبر تحويلات من الخارج”.
مصر تطرح شبه جزيرة للبيع.. هل تتركها الرياض للإمارات والكويت؟
تواصل حكومة رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي طرح مناطق بحرية هامة وأراض إستراتيجية ومواقع تمس الأمن القومي المصري للبيع أمام مستثمرين أجانب ما يثير مخاوف معارضين مصريين من خسارة بلادهم لها أو وقوعها في يد شركات أو دول تسلمها لاحقا للاحتلال الإسرائيلي.
وأعلن وزير الإسكان المصري شريف الشربيني، السبت، عن تجهيز مخطط إستراتيجى لطرح شبه جزيرة “رأس بناس” بالبحر الأحمر على مستثمرين محليين وأجانب وذلك استمرارا لسياسة ببيع أراضي مصر الاستراتيجية وأجمل البقع فيها للحصول على العملات الصعبة بهدف سداد ديون النظام الخارجية (أكثر من 150 مليار دولار) واستكمال مشروعاته الإنشائية.
ووصف الشربيني منطقة الطرح الجديدة بأنها تمتلك أحد أجمل الشواطئ المصرية وبمساحة تعادل مساحة “رأس الحكمة” بحوالي 50 كيلومترا داخل البحر الأحمر.
وتتميز تلك المنطقة بأنها تضم محميات طبيعية ومنطقة سياحية في جنوب محافظة البحر الأحمر وتضم ميناء برنيس القديم بجانب قاعدة برنيس البحرية والجوية المصرية الجديدة التي جرى إنشاؤها قبل 4 أعوام.
وأثار ذلك مخاوف من خسارة مصر موقعا عسكريا فريدا وميناءً بحريا متميزا يقع على طرق التجارة العالمية عبر قناة السويس شمالا ومضيق “باب المندب” على البحر الأحمر جنوبا ومضيق “هرمز” بالخليج العربي شرقا.
ويأتي الطرح الجديد بعد نحو 7 أشهر من طرح حكومة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي منطقة “رأس الحكمة” بالساحل الشمالي الغربي لمصر في مشروع حازته الإمارات مقابل 35 مليار دولار وبنسبة 35 بالمئة لمصر من دخل المشروع الذي تعرض لانتقادات واعتراضات وسيجري تسليم أراضيه للإمارات مطلع تشرين الأول/ أكتوبر المقبل بحسب وزير الإسكان المصري.
وفي شباط/ فبراير الماضي جرى طرح مصر لمنطقة “رأس جميلة” في شرم الشيخ وهي المنتج السياحي الأشهر بجنوب سيناء لإقامة مشروع سياحي فندقي بمساحة 860 ألف فدان وسط حديث عن حضور سعودي في الصفقة مقابل 15 مليار دولار وفق تقارير صحفية.
ومع مرور نحو 7 أشهر لم تصدر أي تأكيدات على اتخاذ خطوات جديدة بملف “رأس جميلة” ولم تظهر تفاصيل حولها حتى الآن ولم يُعرف ما إذا كانت الصفقة قد تعثرت أو أنه تم طرح “رأس بناس” بدلا منها.
إلا أن وجود “رأس جميلة” قبالة مضيق تيران مباشرة وإطلالتها على جزيرتي “تيران وصنافير” التي تنازلت عنهما القاهرة للرياض عام 2016 وقربها من موقع سيقام فيه جسر عبر البحر الأحمر بين السعودية ومصر يجعل شركات الرياض وصناديقها الاستثمارية والسيادية الأقرب من هذا الطرح.
لكن وفي ظل التنافس السعودي الإماراتي على النفوذ في البحر الأحمر والسباق بينهما للاستحواذ على الأصول المصرية الاستراتيجية هل تسمح السعودية بحصول الإمارات على “رأس بناس” هذا المنفذ الهام بالبحر الأحمر خاصة أنه يقابله أيضا على الساحل الشرقي للبحر الأحمر ميناء “ينبع” أحد أهم موانئ المملكة؟
وكانت مصر قد اتفقت مع الكويت في 24 آب/ أغسطس الماضي على قيام شركات “مجموعة الغانم” الكويتية بتطوير ميناء “برنيس” البحري قرب “رأس بناس” وتحويله لقاعدة اقتصادية ومنطقة لوجستية متكاملة وهو ما يدعو للتساؤل: هل ستكون “رأس بناس” من حظ الكويت التي تغيب بشكل لافت عن الطروحات المصرية للأراضي والمباني والموانئ الاستراتيجية؟
“خطر استراتيجي“
وقد يمثل التفريط في شبه جزيرة “رأس بناس” خطرا على الأمن القومي المصري مع قرب المنطقة مع قاعدة “برنيس” العسكرية البحرية والجوية التي جرى افتتاحها في 15 كانون الثاني/ يناير 2020 كنقطة استراتيجية مهمة للقيام بأعباء ومهام التفوق العسكري والاستراتيجي خاصة أنها تعد سهلا ساحليا ضيقا وسط سلاسل جبال البحر الأحمر.
وقاعدة “برنيس” العسكرية المنوط بها حماية حدود مصر الجنوبية تضم إلى جانب “مطار برنيس الدولي” ممرات جوية بطول 3000 متر ورصيفا حربيا بطول 1000 متر يلبي إحتياجات القطع البحرية ذات الغاطس الكبير كحاملات الطائرات والغواصات والفرقطات، فيما يجري العمل على إنشاء ميناء تجاري وأرصفة بطول 1200 متر وعمق 17 مترا.
وعن هذا أعربت الناشطة المصري حنان عبدالمنعم عن مخاوفها من طرح مناطق تمس الأمن القومي المصري، قائلة عبر منصة “فيسبوك”: إنه “بجانب القواعد العسكرية المصرية وفي أماكن استراتيجية هامة تباع مساحات بحجم دول صغيرة بحجة الاستثمار والسياحة”.
وأضافت “بجانب قاعدة (محمد نجيب) وميناء (جرجوب) العسكري سلم رأس الحكمة للإمارات وأمام (تيران وصنافير) ومضيق (تيران) يريد تسليم السعوديين رأس جميلة وعند قاعدة (رأس بناس) يطرح (رأس بناس) أيضا ولا نعرف لمن؟”.
وأكدت أن “الإمارات عندها مشروع سياحي في دولة (الجبل الأسود) مشابه لرأس الحكمة وهناك تقارير تحدثت عن سماحها بدخول سفن حربية أمريكية لمياه المشروع سرا، والجبل الأسود صمتت على ما حدث” متسائلة: “ماذا تتوقع مستقبلا بالنسبة لمصر؟”.
“سيادة وأمن قومي في خطر“
وفي قراءته قال الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية الدكتور ممدوح المنير إن “الطرح الجديد لشبه جزيرة (رأس بناس) ضمن خطة الحكومة المصرية لبيع الأصول الاستراتيجية يعد استمرارا لنهج بيع مقدرات الدولة مقابل العملة الصعبة لسداد الديون المتراكمة”.
وأضاف الباحث أن “هذا التوجه يعكس أزمة أعمق في إدارة الاقتصاد المصري التي تعتمد على بيع الأصول والقروض بدلا من تبني سياسات إصلاحية جذرية”.
وأعرب عن أسفه من أن “هذه الصفقة كالصفقات الأخرى كـ(رأس الحكمة) لها تأثير سلبي على الأمن القومي المصري فرأس بناس الواقعة على البحر الأحمر تتميز بموقعها الإستراتيجي قرب قاعدة (برنيس) البحرية المصرية الجديدة وميناء (برنيس) القديم”.
وأكد أن “هذه المنطقة تمثل نقطة تحكم في الملاحة والتجارة عبر البحر الأحمر كما أنها قريبة من مضيق باب المندب الذي يعد شريانا حيويا للتجارة العالمية”.
ويعتقد أن “بيع مثل هذا الموقع الحساس يفتح المجال لتأثير خارجي على أحد أهم الممرات البحرية في العالم، ما قد يعرض سيادة مصر وأمنها القومي للخطر”، لافتاً إلى أنه “في المقابل رأس الحكمة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي تمثل أيضا بقعة استراتيجية على البحر المتوسط وتفتح أبواب مصر أمام استثمارات أجنبية لكنها أقل حساسية من الناحية العسكرية مقارنة برأس بناس”.
وقال إنه “رغم ذلك فإن تحويل أراضٍ بهذا الحجم إلى أيدي مستثمرين أجانب يحمل خطر تآكل السيطرة الوطنية على ثروات البلاد ومقدراتها”.
ويرى أن “بيع أراضٍ استراتيجية مثل (رأس بناس) للإمارات أو غيرها يعني تسليم أجزاء حساسة من الدولة لنفوذ خارجي قد يتعارض مع المصالح الوطنية فضلا عن الأدوار المشبوهة التي تقوم بها الإمارات في السودان ومنطقة القرن الأفريقي عموما”.
وبين أن “هذا النفوذ المالي والجيواستراتيجي يسمح لهاتين الدولتين (الإمارات والسعودية) بالتدخل في سياسات مصر الداخلية والخارجية وتحديد مصير مواردها الحيوية”.
“من يفوز بالصفقة؟”
وعن التنافس السعودي الإماراتي يرى الباحث المصري أنه “من المرجح أن تتدخل السعودية للحفاظ على توازنها الإستراتيجي في مواجهة الهيمنة الإماراتية المتزايدة في المنطقة خاصة أن (رأس بناس) تقع قبالة ميناء ينبع السعودي”.
“أما الكويت فربما تسعى لتعزيز حضورها من خلال ميناء (برنيس) لكنها لا تملك نفس النفوذ المالي والسياسي الذي تملكه الإمارات والسعودية” بحسب المنير.
ومضى المنير يؤكد أنه “هذه الدول تتمتع بنفوذ أكبر في مصر وهو ما يجعل من الصعب على الكويت أن تدخل بقوة على خط هذه الصفقات الكبيرة بدون تفاهمات سياسية أو شراكات مع أحد اللاعبين الكبار” كما أنه “من الناحية الاقتصادية بيع الأصول لن يعالج جذور الأزمة المالية في مصر فمصر تواجه أزمة هيكلية في الاقتصاد، حيث تتزايد الديون بشكل لا يمكن تحمله بينما تتقلص الفرص الحقيقية للنمو بسبب الفساد وسوء الإدارة وسيطرة الجيش على الاقتصاد المدني”.
وختم “بدلا من بيع الأصول تحتاج الدولة إلى سياسات تحفيزية للاستثمار المحلي وزيادة الإنتاجية وتخارج للجيش من الاقتصاد وتوفير بيئة سياسية مشجعة على الاستثمار”.
“خطر استراتيجي لهذه الأسباب“
من جانبه لفت الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية وعضو “تكنوقراط مصر” الدكتور سعيد عفيفي إلى أنه “هناك قاعدة رأس بناس العسكرية” مؤكدا أن “بها قوات أمريكية (الأفريكوم)” ملمحا إلى “التسهيلات التي منحتها مصر لأمريكا منذ العام 1982 وإلى أنها قاعدة أصبحت مهمة الآن بعد الحرب الإسرائيلية الجارية على قطاع غزة”.
وفي حديثه أكد على “خطورة أية صفقة أجنبية تتم قرب تلك القاعدة” مشيرا إلى “وجود وثيقة أمريكية تؤكد استعمال البحرية الأمريكية لرأس بناس وتوضح أنه تم استخدامها لإطلاق أول صواريخ على بغداد يوم 19 آذار/ مارس 2003 وبداية الحرب ضد العراق”.
ويعتقد أنه “أثناء الحرب على غزة أصبح للقاعدة العسكرية المصرية أهمية كبرى في التصدي لصواريخ وطائرات اليمن الداعمة للمقاومة في فلسطين”.
“طلب سعودي مريب“
وعن الاستثمار في رأس بناس قال إنه “يجب ربط عدة أمور مع بعضها” مشيرا إلى أنه “منذ شهر طالبت السعودية بإصدار قانون لحماية استثماراتها في مصر وهذا يعد دليلا على أن السعودية ترى أن النظام لم يعد مستقرا”.
وأضاف “النظام غير مستقر اقتصاديا لأسباب كثيرة تتعلق بأمور سياسية وقانونية والأسباب الاجتماعية هي من تضغط عليه الآن وهذا ما جعل السعودية تريد حماية استثماراتها التي بدأت بإجراءات باطلة وتريد تصحيحها بقانون خاص”.
ويرى أن “هذا الطلب بالتأكيد سوف تستفيد منه كل الدول لأن أي قانون لا بد أن يتصف بالعمومية والتجرد” متوقعاً أن “تستفيد الإمارات والكويت من هذا وبالتالي هذا سيجعل الكويت تتقدم بطلبات استثمار لأنها ستكون محمية بالقانون الذي سيصدر بالتأكيد وحسب طلبات الزبون السعودي بالطبع”.
في نهاية حديثه أكد أن “كل التعاقدات الأجنبية تعد باطلة بطلانا مطلقا حسب الدستور المصري وآلية إسقاط هذه العقود موجودة ويمكن تفعيلها إذا تولت إدارة وطنية تسيير الأمور في البلاد ويتعين أن يكون هذا هو أهم ملف لديها”.
“هل أصبحنا جيبوتي؟”
وفي تعليقه قال برلماني مصري فضل عدم ذكر اسمه: إن “رأس بناس ذات موقع إستراتيجي وحساس ومهم بالبحر الأحمر وهذا الموقع خلق أهمية عسكرية له على البحر الذي يموج بالصراعات”.
وأكد البرلماني أنه “من الهام جدا أن يتم الحفاظ على الأماكن الحساسة وذات البعد العسكري وعدم التفريط فيها” و”لم أفهم ما تم في رأس الحكمة وهل هي تملك كامل للإمارات أم لمدة انتفاع معينة فلا أحد يعلم شيئا وكأننا ضيوف في مصر وكأن شعبها ليس من حقه معرفة مصير أراضيه”.
وأوضح أنه “ليس أبدا ضد الاستثمار ولكن هذه المنطقة لها عمق استراتيجي وأمريكا حاولت في ثمانينيات القرن الماضي الحصول على قاعدة عسكرية هناك ورفضت السلطات المصرية”.
وبين أنه “مع الاستثمار السياحي هناك في تلك المنطقة ولكن على أن تكون الأولوية للمستثمرين المصريين في كل المناطق الحساسة المطروحة للاستثمار” معربا عن مخاوفه من أن “تكون الاستثمارات الأجنبية بتلك المناطق لها أهداف أخرى تكون غامضة” لكنه متخوف “من مواصلة الحكومة المصرية التفريط في مناطق ذات أهمية استراتيجية وعسكرية لا تراعي بعد الأمن القومي المصري، ساخرا بقوله “أصبحنا نتساءل من سيشتري أراضينا الإمارات أم السعودية أم غيرهما؟”.
وتساءل “هل هانت علينا بلادنا تحت وطأة الأزمة الاقتصادية ونقوم بالتفريط في الأمن القومي؟ وهل نقلد جيبوتي التي منحت موانئ وقواعد عسكرية للعديد من الدول على ساحلها؟”.
ومضى يقول “ليس لدي معلومات حول هذا الأمر ولكن هذه مجرد مخاوف لدي فأخشى أن تدفعنا الأزمة الاقتصادية للتفريط في أماكن حساسة وتحت وطأة الديون”.
“مستوطنات منفصلة“
وأعرب البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تخوفه من أن بيع الرؤوس البحرية في مصر مثل رأس الحكمة ورأس جميلة ورأس بناس ذات الواجهات البحرية من ثلاثة اتجاهات هو “مخطط لجعل تلك المناطق الاستراتيجية مستوطنات منفصلة ومعزولة عن بقية مصر”.
كما أن خبر طرح “رأس بناس” دفع البعض للمطالبة بـ”التحرك ضد السيسي الآن” مؤكدين أنه “أصبح فرض عين على كل مواطن شريف” فيما طالب الكاتب الصحفي المعارض مجدي أحمد حسين بضرورة “تشكيل حركة اسمها: وقف بيع مصر”.
وأشار النائب البرلماني السابق وعضو الحركة المدنية الديمقراطية طلعت خليل إلى جانب غياب المعلومات عن الطرح الجديد وقال إننا كمصريين لم نعرف حتى الآن ما تم في صفقة “رأس الحكمة” التي نالتها الإمارات.
المصدر: https://2h.ae/Okjh
رأس بناس بعد رأس الحكمة: مصر تواصل تفريغ أراضيها الاستراتيجية
رأس بناس.. منطقة استثمارية فريدة
تتمتع شبه جزيرة “رأس بناس” بإمكانيات استثمارية هائلة فهي إحدى المناطق السحرية على الشواطئ المصرية وتعدّ واحدة من أهم البقاع المطلة على البحر الأحمر وقلعة متكاملة من الشعاب المرجانية الفريدة، وتتمتع بواجهة بحرية مميزة إذ تحيطها المياه من الشمال والجنوب والشرق وهو ما يؤهّلها لأن تكون المقصد السياحي الأكبر في مصر.
كما تتميز بقربها من المدن الحيوية فهي تبعد عن مدينة الأقصر 356 كيلومترًا وتتلاصق مع الأماكن الأشهر سياحيًا في البحر الأحمر مثل محمية وادى الجمال وخليج القلعان وشاطئ حنكوراب وجزر حماطة ووادي الجمال وسيال والزبرجد، علاوة على احتوائها على عدة أماكن للغوص والأنشطة السياحية العالمية، مثل منطقة شعاب سطايح ومنطقة شعاب مالك وكذلك منطقة بيت الدلافين.
أما مناخيًا فتمتاز بطقس معتدل معظم فترات العام مائل إلى الحرارة نسبيًا أوقات النهار مع برودة خفيفة في الليل وفي الوقت ذاته تعدّ شبه الجزيرة ملتقى رئيسيًا للتيارات الهوائية التي تتشابه مع تلك المتواجدة في مدينة الزعفرانة الشهيرة (تقع بمدينة رأس غارب بالبحر الأحمر وتعدّ إحدى أشهر المناطق السياحية في مصر).
كل تلك الامتيازات والإمكانيات الجغرافية والسياحية والبيئية الخاصة بالجزيرة ورغم أنها وحدها كافية بأن تُسيل لُعاب المستثمرين من مختلف دول العالم إلا أنها لم تكن المحرك الأهم والوحيد بالنسبة إلى المتنافسين عليها فهناك مميزات أخرى ربما تغيب عن أعين ووعي المواطن المصري لكنها حتمًا لن تغيب عن عقل من يدفعون عشرات المليارات من أجل الفوز بمثل تلك الصفقات التي قلّما تتكرر في التاريخ.
“تاريخ عسكري وأهمية لوجستية“
أثار الموقع الجغرافي لـ”رأس بناس” اهتمام القوى العالمية الكبرى فقربها من الممرات المائية الدولية كمضيق هرمز وقناة السويس وباب المندب بما يؤهّلها لأن تكون نقطة انطلاق قريبة جدًّا لكل من الخليج العربي والشرق الأوسط وشمال إفريقيا جعلها ساحة تنافس كبيرة لكل من السوفيت والأمريكيين في إطار صراع النفوذ بين القوتين لتعزيز حضورهما الإقليمي والدولي.
– أنشأ الاتحاد السوفيتي في عام 1970 قاعدة عسكرية له في “رأس بناس”، وذلك أعقاب اتفاقية الصيد السوفيتية المصرية 1964 لتكون أول قاعدة له في مصر وظلت تلك القاعدة سرّية عن الشارع المصري حتى تم الكشف عنها بعد عامين كاملين من تدشينها.
– عام 1979 وفي إطار مساعي الرئيس المصري الراحل أنور السادات لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة شجّع وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، هارولد براون لاستخدام “رأس بناس” كمرفق بحري وجوي أمريكي، ورغم عدم تحمّس الأمريكيين بداية الأمر لهذا الطرح، لكن سرعان ما تشجّعوا له بعد توقيع السادات لرسالة تسمح للولايات المتحدة باستخدام شبه الجزيرة كموقع محتمل لانطلاق العمليات إلى الخليج العربي، وللعمليات الطارئة الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وذلك أثناء زيارته لواشنطن عام 1981.
– وضعت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” خطة لجعل “رأس بناس” مرفقًا أساسيًا لقوات القيادة الوسطى الأمريكية في الشرق الأوسط، ومنصة لإطلاق قاذفات بي-52 وطائرة النقل سي-5 غير أن الخطة لم تنفذ عمليًا بسبب مخاوف مصر من أن تصبح المنطقة هدفًا لاعتداءات القوميين العرب المناوئين للأمريكيين والإسرائيليين وعليه تم إجراء تعديل في الخطة بحيث تكون المنطقة نقطة ارتكاز لوجستية للقيادة الأمريكية فكان المقترح بإنشاء محطة تحلية مياه مزودة بشبكة توزيع مياه وإنشاء مستودعات، كذلك خزانات وقود وثكنات قادرة على استيعاب 25 ألف فرد من القوات الأمريكية.
– بعد تعرُّض السادات للاغتيال عام 1981 شنّت الصحف المصرية حملة إعلامية طالبت فيها بإنهاء التواجد الأمريكي في “رأس بناس” كون أن هذا التواجد يمثّل تهديدًا لاستقلال الدولة المصرية وتهديدًا لسيادتها لكن فوجئ الجميع في ذلك الوقت بتقديم وزير الخارجية المصرية لمقترح مشروع أمريكي جديد يتناول استئجار شبه الجزيرة المصرية للنشاط العسكري الأمريكي تبع ذلك لقاء مع مجموعة من العسكريين الأمريكيين لبحث الموضوع في وزارة الخارجية ورغم انتهاء تلك اللقاءات دون حسم الموضوع اكتشف البعض استخدام الطائرات الأمريكية بالفعل لميناء “رأس بناس” دون علم وزارة الخارجية وذلك بالتنسيق المباشر بين وزارة الدفاع ومؤسسة الرئاسة.
– في أعقاب تولي الرئيس الراحل حسني مبارك الحكم، رفض بشكل واضح إنشاء قاعدة جوية أمريكية دائمة في تلك المنطقة، وإن لم يمانع من استخدام قوات الانتشار السريع الأمريكية للمنشآت العسكرية على “رأس بناس” في حالات الطوارئ.
– في أعقاب رفض مصر إنشاء أمريكا لقاعدة عسكرية دائمة لها في “رأس بناس” حاول المصريون عام 1985 إنشاء قاعدة عسكرية خاصة بهم في المنطقة ذاتها لكنها كانت تحتاج إلى تمويل كبير (أكثر من نصف مليار دولار على أقل تقدير) إلا أن أوروبا لم تمول المشروع لتبقى المنطقة على حالتها تلك حتى اليوم وإن استخدمتها الولايات المتحدة أكثر من مرة بين الحين والآخر، أبرزها خلال حرب الخليج.
– خلال العقد الأخير تباينت الآراء والتصريحات حول استخدام أمريكا لشبه جزيرة “رأس بناس” عسكريًا ففريق يرى أن تلك المنطقة هي قاعدة عسكرية أمريكية بالفعل وإن كان ذلك بشكل غير رسمي كما جاء على لسان الباحث المقرب من واشنطن سعد الدين إبراهيم خلال لقاء تلفزيوني له عام 2013 فيما ينفي آخرون تلك المزاعم لتظل هذه البقعة ساحة نزاع كبيرة بين القوى الدولية لما تتمتع به من موقع جيوسياسي هامّ جدًّا.
تنافس خليجي.. من يفوز بالصفقة؟
لا تتوفر المعلومات الكافية حتى الساعة حول المتنافسين على هذا الطرح لكن صفقة بهذا الحجم المقارب لصفقة “رأس الحكمة” والتي تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات لا يقدر عليها بطبيعة الحال مستثمر مصري ليظل المستثمر الخليجي هو الأقرب كالعادة في مثل تلك الصفقات، خاصة مع الأهمية اللوجستية لـ”رأس بناس” بجانب إمكانياتها السياحية الاستثمارية سالفة الذكر.
وتشير معظم التكهنات إلى تنافس سعودي إماراتي محتمل للظفر بهذا المشروع في ظل السباق الواضح بين البلدين على النفوذ في البحر الأحمر والهرولة نحو الاستحواذ على الأصول المصرية الاستراتيجية استغلالًا للوضعية الاقتصادية الصعبة للدولة المصرية والتي دفعتها للتنازل عن أهم أصولها ومواردها وثرواتها الطبيعية.
على الجانب السعودي تقع شبه جزيرة “رأس بناس” قبالة ميناء ينبع السعودي مباشرة وهو الأمر الذي يجعل من الصعب تركها للإماراتيين في ظل صراع النفوذ والتوتر بينهما خلال الآونة الأخيرة وفي المقابل تبذل الإمارات جهودًا مضنية للاستحواذ على أهم البقاع الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر سواء في مصر أو اليمن أو إثيوبيا والقرن الأفريقي لخدمة أجنداتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية.
وفي أغسطس/ آب الماضي أبرمت الحكومة المصرية عقدًا مع “مجموعة الغانم” الكويتية بشأن تطوير ميناء برنيس البحري قرب “رأس بناس” وتحويله إلى قاعدة اقتصادية ومنطقة لوجستية متكاملة ما دفع البعض للحديث عن احتمالية أن تدخل الكويت كمنافس محتمل على تلك الصفقة وإن كان ذلك مستبعدًا إلى حدّ ما في ظل تراجع نفوذها الاقتصادي والسياسي مقارنة بجارَيها السعودي والإماراتي.
“مخاوف على الأمن القومي“
نظرًا إلى هذا الموقع اللوجستي الخطير لـ”رأس بناس” وقربها كذلك من قاعدة برنيس العسكرية التي جرى افتتاحها في 15 يناير/ كانون الثاني 2020 والمنوط بها حماية حدود مصر الجنوبية، فضلًا عن قربها من مطار برنيس الدولي الذي يمتلك ممرات جوية بطول 3000 متر تقريبًا ورصيف حربي بطول 1000 متر يسمح بتلبية احتياجات القوات البحرية التي تحتاج إلى غاطس كبير لحاملات الطائرات والغواصات والفرقاطات كل هذا يجعل من التفريط في تلك المنطقة مغامرة محفوفة بالمخاطر وتهديدًا مباشرًا لأمن مصر القومي.
وتنطلق تلك المخاوف من أن منح هذه المنطقة اللوجستية المحورية لدولة أجنبية أيًا كانت هويتها، خطوة تحمل الكثير من التهديدات لا سيما إذا ما تعارضت المصالح مستقبلًا مع الدولة المستحوذة على تلك الصفقة وهو الأمر الذي قد يُدخل البلاد في أتون من التوترات التي لا تنتهي.
وتتصاعد تلك المخاوف تزامنًا مع الحديث عن صفقة أخرى تنوي الحكومة المصرية طرحها على البحر الأحمر في منطقة “رأس جميلة” بمدينة شرم الشيخ والبالغ مساحتها 860 ألف فدان والواقعة قبالة مضيق تيران مباشرة وتطل على جزيرتي تيران وصنافير اللتين تنازلت عنهما القاهرة للرياض إثر إبرام اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين عام 2016.
وعليه وبعد استحواذ الإمارات على “رأس الحكمة” الواقعة بالقرب من قاعدة محمد نجيب وميناء جرجوب العسكريَّين ثم ما يثار حول حصول السعودية على “رأس جميلة” حيث جزيرتي تيران وصنافير ومضيق تيران وصولًا إلى شبه جزيرة “رأس بناس” والاقتراب من مضيق هرمز والخليج العربي وقاعدة برنيس العسكرية فإن الأمن القومي المصري بات في مرمى الاستهداف بشكل يهدد السيادة المصرية ويقوض استقلاليتها.
يتعاظم الأمر قلقًا وتخوفًا مع الدور المشبوه الذي تقوم به الإمارات (كأحد الدول المستحوذة على تلك الصفقات) في المنطقة والذي يسير عكس عقارب الأمن القومي المصري سواء في السودان أو إثيوبيا أو اليمن أو حتى مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وهو ما يجعل سيطرتها على أي من تلك البقاع الاستراتيجية مخاطرة كبيرة.
وهكذا تواصل الدولة المصرية بفضل الإدارة والسياسات الخاطئة التي تتبعها على مدار أكثر من 10 سنوات نزيف ثرواتها وتفريغها من مواردها وتعريض أمنها القومي للخطر عبر التفريط في بقاعها اللوجستية ورؤوسها البحرية الهامة التي ينطوي التنازل عنها على مخاطر محدقة تضع المستقبل المصري بأكمله في غياهب أزمة ضبابية.
المصدر: https://2h.ae/qVGu
لماذا تشتري دول الخليج الساحل المصري؟!
نشر موقع “دويتشه فيله” الألماني تقريرا في 20 مارس /آذار الماضي تحدث فيه عن استحواذ دول الخليج على الساحل المصري وتساؤلات بشأن الدوافع والآثار المحتملة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته “عربي21” إن مصر تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود حيث تعاني البلاد من ديون هائلة ونقص في العملات الأجنبية مما أدى إلى تضخم مدمر وارتفاع الأسعار الذي يجد العديد من المصريين العاديين صعوبة في التعامل معه.
ولكن أعلنت مصر في منتصف مارس أذار الماضي أن دولة الإمارات العربية المتحدة سوف تستثمر 35 مليار دولار (32 مليار يورو) بشكل مباشر في الاقتصاد المصري وأغلبها من خلال مشروع بناء في رأس الحكمة وهي شبه جزيرة بالبحر الأبيض المتوسط بالقرب من مدينة الإسكندرية ويُعتقد أنه أكبر استثمار من نوعه في تاريخ مصر.
وكان للصفقة والإفراج عن القسط الأول من الأموال من البنك المركزي تأثير فوري تقريبًا مما أدى إلى تحسين الوضع المالي لمصر بطرق مختلفة.
وهناك شائعات عن صفقة أخرى مماثلة قريبًا فستستثمر السعودية 15 مليار دولار إضافية في الوجهة السياحية على البحر الأحمر رأس جميلة.
الاقتصاد المصري يحتاج إلى أكثر من مجرد “منتجع شاطئي فاخر“
وحسب الموقع لم يكن الجميع متحمسين لهذه الصفقة وقال حسام الحملاوي الباحث والناشط المصري الذي يعيش حاليًا في ألمانيا ويكتب نشرة إخبارية منتظمة عن السياسة المصرية إن هذا المشروع الاستثماري هو مجرد جزء من نمط.
وتابع أن السيسي يعمل منذ سنوات على مشاريع عملاقة ترضي قراراته الاقتصادية غير العقلانية وهو يعول دائمًا على حقيقة أنه سيتم إنقاذه من قبل القوى الإقليمية أو الدولية بسبب المقولة سيئة السمعة: “مصر أكبر من أن تفشل”.
وذكر الموقع نقلًا عن تيموثي قلداس نائب مدير معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط ومقره واشنطن أن الحكومة المصرية “بددت ضخها المالي السابق بسرعة غير عادية إن ضخ الأموال النقدية يشتري ثقة مؤقتة للمستثمرين في مصر لكن الأمر الأساسي للثقة على المدى الطويل هو الإصلاحات الجادة والإشارة الواضحة من قادة البلاد إلى أنهم يستغلون هذه الفرصة لتغيير المسار سوف يستغرق الأمر أكثر من مجرد مكاسب غير متوقعة ومنتجع شاطئي جديد فاخر لإعادة بناء ذلك”.
وأشار الحملاوي وآخرون أيضًا إلى احتجاجات سكان رأس الحكمة المهددين بالتهجير بمجرد بدء البناء وسيكون أحد صناديق الاستثمار السيادية في دولة الإمارات مسؤولاً عن هذا المشروع وقال إن العمل سيبدأ في أوائل سنة 2025 كما تشكل المعايير البيئية مصدر قلق في هذه المنطقة الساحلية وفقا لمنتقدي الخطة.
وأفاد الموقع أنه في الوقت الحالي أصبحت فكرة أن مصر “أكبر من أن تفشل” مقنعة بشكل خاص إذ تتعرض البلاد لضغوط سياسية واقتصادية بسبب الصراع الدائر في غزة ويعني القتال هناك خنق مصادر الدخل المهمة لمصر مثل السياحة والشحن عبر قناة السويس.
وذكر الموقع أنه لا أحد يريد أن يرى اضطرابات عامة في مصر بسبب الانهيار الاقتصادي في الوقت الحالي. وقد كتب المعلق السياسي ماجد مندور أنه “في ظل الحرب المستمرة في غزة والحرب الأهلية في السودان أصبح استقرار نظام السيسي مصدر قلق بالغ لحلفائه حتى لو كان ذلك يعني السماح له بتجنب الإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها”.
دول الخليج تنخرط في “دبلوماسية الإنقاذ“
وتساءل الموقع كيف ترتبط مليارات الإمارات الواردة بالصراع في غزة والاتفاق المحتمل مع صندوق النقد الدولي؟
ونقل الموقع ـالإجابة هذا السؤال- ما قاله حسن الحسن الخبير في سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية من أن هذه المصادفة “مذهلة إلى حد ما” ومن المعروف أن الولايات المتحدة أحد الداعمين الرئيسيين لصندوق النقد الدولي تستخدم الوكالة المالية لمعاقبة أو مكافأة الحلفاء الأجانب. ومع ذلك، أشار حسن الحسن المقيم في البحرين إلى أن رؤساء صندوق النقد الدولي وكبار المسؤولين المصريين والإماراتيين قالوا جميعًا إن الصفقة البالغة قيمتها 35 مليار دولار لا علاقة لها بأي من ذلك.
لكن الأمر يتعلق بتقليد دام عقودًا من الزمن لانخراط دول الخليج الغنية في ما يسميه الحسن وآخرون “دبلوماسية الإنقاذ”.
وكتب الحسن وكاميل لونس زميلة زائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في ورقة بحثية سنة 2023 حول هذا الموضوع وقالا إنه يمكن تعريف ذلك “بأنه ممارسة توزيع حزم كبيرة من المساعدات المالية أو العينية لإنقاذ الدول التي تواجه أزمات مالية أو اقتصادية والتي كانت تمثل أداة رئيسية للسياسة الخارجية الخليجية منذ أوائل السبعينات”.
وقالت لونس لموقع “دويتشه فيله” إن “هذه الصفقات الأخيرة تعكس اتجاهًا أوسع في دبلوماسية الإنقاذ في الخليج فلقد قامت دول الخليج بإنقاذ الاقتصاد المصري منذ الستينات وهي الدولة التي حصلت على أكبر حصة من الدعم المباشر للميزانية بما لا يقل عن 108 مليارات دولار”.
وفي الآونة الأخيرة اتفقت هي والحسن على أن هذه الممارسة قد تغيرت إلى حد ما.
وأوضح قائلًا “لقد رصدنا رغبة أكبر من جانب دول الخليج للاستفادة من النفوذ الذي اكتسبته من خلال دبلوماسية الإنقاذ لتأمين الوصول التفضيلي إلى الأصول المملوكة للدولة التي يتم خصخصتها”.
الصفقات غير الشفافة
وأكد الموقع أن دول الخليج تمتلك الآن شركات مصرية تدير الموانئ، وتعمل في مجال البتروكيماويات وفي قطاعي المال والتجزئة فضلاً عن سلسلة من الفنادق التاريخية. وقالت لونس إن الصفقات المعلن عنها حديثًا تمثل جانبًا آخر من هذا الأمر.
وقال الحسن إن أحدث صفقة مع الإمارات وكذلك الصفقة السعودية التي ترددت شائعات عنها من المحتمل أن تمثل استثمارًا جيدًا لأن دول الخليج تدرك أنها قد لا تستعيد قروضها من مصر أبدًا وهم يعلمون أن مصر أكبر من أن تفشل، وهم يدركون أن الصراع في غزة يفرض المزيد من الضغوط عليهم.
لكن هناك بعض الاختلافات المهمة مع هذا الاستثمار الإماراتي الأخير كما قال الحسن لموقع “دويتشه فيله”. وأوضح أن “هناك المزيد من الأموال على المحك والتوقيت أكثر واقعية” وهو أمر لم يحدث في كثير من الأحيان.
واختتم الموقع التقرير بقول الحسن: “يبدو أن التوقيت مؤشر على أن هذا قد يحدث لكن مرة أخرى يمكن أن تسوء الأمور ويمكن أن تتغير أسعار النفط وقد ترى تغيرًا في الرغبة في الاستثمار في الخليج.
المصدر: https://2h.ae/Twtf