في يومها الـ 600 .. أبرز تطورات الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة منذ أن استأنفتها قبل 72 يومًا وبعد 600 يوم على بدء العدوان عقب تنصل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من اتفاق وقف إطلاق النار مستندًا إلى دعم سياسي وعسكري أمريكي وسط صمت دولي وخذلان غير مسبوق من المجتمع الدولي.
و شنت قوات الاحتلال عشرات الغارات في وقت تصاعدت آثار منع إدخال المواد الغذائية الأساسية منذ بداية مارس /آذار الماضي وهو ما يرسم مشهدًا قاسيًا للمجاعة التي يواجهها سكان القطاع.
آخر التطورات
وأكدت وزارة الصحة بغزة استشهاد 23 مواطنًا منذ فجر اليوم بغارات الاحتلال الصهيوني على القطاع.
وارتقى 4 شهداء وأصيب آخرون في استهداف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب منطقة الفاخورة بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة.
واستشهد المواطن إبراهيم عصام أبو رحمة جراء قصف إسرائيلي على بلدة القرارة في خانيونس فيما استشهد المواطن سالم عطا سالم أبو موسى متأثرًا بجروح أصيب بها جراء إطلاق نار من قوات الاحتلال في محيط مركز المساعدات في رفح أمس.
وأصيب مواطنان على الأقل جراء استهدف الطيران الحربي الصهيوني صباح اليوم منزلا لعائلة ابو مصطفي في بني سهيلا شرقي خان يونس.
واستشهدت كفاح عودة سليمان السواركة جراء إطلاق النار عليها من جنود الاحتلال صباح اليوم قرب مركز المساعدات بمنطقة ميراج جنوب خانيونس.
واستشهد الشاب قسام بسام كوارع بعد استهدافه بقصف إسرائيلي قرب مسشتفى غزة الأوروبي في خانيونس .
واستشهد المواطن ياسين سلمان ابراهيم بركة جراء قصف إسرائيلي صباح اليوم على عبسان الكبيرة شرقي خانيونس.
وقصفت طائرة مسيرة للاحتلال موقعًا في منطقة ارميضة ببني سهيلا شرقي خانيونس.
وقصفت مدفعية الاحتلال وسط وإطلاق نار مكثف من الآليات الإسرائيلية على بلدة القرارة شمالي مدينة خان يونس
واستشهد 9 مواطنين وأصيب 15 آخرون في قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الصحفي أسامة العربيد في غزة.
وارتقى 6 شهداء وأصيب آخرون بقصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة عقيلان في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة.
وشنت طائرات الاحتلال غارة استهدفت منزلا في حي الصفطاوي شمالي مدينة غزة.
ونسف جيش الاحتلال الإسرائيلي منتصف الليل مبانٍ سكنية في المناطق الشرقية لمدينة غزة وجنوبي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة
وشنت طائرات الاحتلال منتصف الليل غارة جوية إسرائيلية تستهدف منطقة معن شرقي خان يونس.
خطة المساعدات الإسرائيلية: ما عجزت عنه آلة الحرب يتولاه المرتزقة
منذ الكشف عن ملامح الخطة الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات في قطاع غزة وحالة من الشك تخيم على الأجواء فالقضية أكبر وأعمق وأخطر من فكرة توزيع المساعدات وبعيدًا عن مبررات ودوافع الرفض الأممي والدولي لها والتقليل من جدواها في إغاثة الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع فإن مخاوف أخرى تطل برأسها بشأن الهدف الأبرز من وراء تلك الخطة التي تتخذ من هندسة التجويع استراتيجيتها الأهم.
الخطة بما تم تسريبه عن بعض تفاصيلها أثارت الكثير من الجدل سواء فيما يتعلق بهوية الشركات المناط بها تنفيذها عمليًا، والمُحاطة بالغموض والريبة في ظل سجلها المُتخم بالأعمال المشبوهة، وقادتها أصحاب السير الذاتية المقلقة والمتماهية شكلا ومضمونا مع الأجندة الإسرائيلية حتى وإن كانوا من جنسيات أخرى أو فيما يتعلق بالأهداف الحقيقية من وراء تمرير مثل تلك الخطط المريبة.
طرح الخطة على طاولة النقاش دفع البعض لاستدعاء عاجل لشركة “بلاك ووتر” وهي شركة مرتزقة أميركية تورطت في أعمال عنف ضد المدنيين في العراق حيث الدور الذي تقوم به شركات المرتزقة لخدمة الأهداف الاستعمارية العسكرية بعيدًا عن الجيوش النظامية.
وعلى مدار أكثر من 19 شهرًا من الحرب التي استخدم فيها جيش الاحتلال كل فنون القتال الممكنة وأحدث الأسلحة المتوفرة لديه مدفوعا بجسور دعم أمريكي لا تنقطع منذ بداية المعركة ورغم ذلك عجز عن تحقيق الانتصار الميداني على حماس وبقية فصائل المقاومة، ما دفعه للبحث عن وسائل وأدوات جديدة لتحقيق ما عجز عنه عسكريًا.. فهل تكون شركات المرتزقة هي البديل لاحتلال القطاع في تكرار للنموذج العراقي السابق؟
خطة إسرائيلية بحتة
وفق ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية فإن الخطة المقدمة حاليًا لتوزيع المساعدات هي خطة إسرائيلية بحتة حتى وإن أديرت بواسطة متعاقدين أمريكيين وتهدف إلى “تقويض سيطرة حركة حماس في غزة وتجاوز الدور التقليدي للأمم المتحدة في توزيع المساعدات”.
وبدأت مناقشة الخطوط العريضة لتلك الخطة، أو المبادرة كما يسميها الأمريكان أواخر عام 2023 خلال اجتماعات خاصة ضمت مسؤولين حكوميين وعسكريين ورجال أعمال تربطهم علاقات وثيقة بالحكومة الإسرائيلية وأطلق على تلك المجموعة اسم “منتدى مكفيه يسرائيل” نسبةً إلى الكلية التي عقدوا فيها اجتماعهم في ديسمبر/كانون الأول من نفس العام.
واتفق قادة المجموعة على فكرة التعاقد مع شركات أمريكية خاصة لتولي عملية توزيع الغذاء في غزة، متجاوزين بذلك دور الأمم المتحدة حيث عقدت الكثير من الاجتماعات لمناقشة هذا الأمر خلال عام 2024 كما سعى أعضاء هذا الكيان إلى كسب دعم القادة السياسيين والعسكريين داخل إسرائيل وبدأوا بتطوير خطتهم بالتعاون مع متعاقدين أجانب.
وبموجب الخطة –حسبما نشرت الصحيفة الأمريكية- سيتم نقل عملية توزيع المساعدات إلى مناطق تخضع لسيطرة الجيش الإسرائيلي بدلاً مما تعتبرها الخطة “مناطق فوضوية وخارجة عن السيطرة” وعلى الأرجح ستكون تلك المناطق في الجنوب والوسط وهو ما اعترض عليه مسؤولو الأمم المتحدة الذين رأوا أن تلك الخطة ستضع المدنيين في خطر وتجبرهم على السير لمسافات طويلة عبر خطوط الجيش الإسرائيلي للحصول على الغذاء.
المنظمة الأممية تميل إلى أن هذا النظام الجديد في توزيع المساعدات قد يُستخدم كغطاء لخطة إسرائيلية لتهجير المدنيين من شمال غزة حيث من المتوقع أن تقتصر عمليات التوزيع على جنوب القطاع وتحويله إلى معسكرات غذائية تجذب الغزيين من كل مناطق القطاع بهدف تفريغه من سكانه بشكل تدريجي.
وفي محاولة منه لحفظ ماء الوجه والتعتيم على هذا المخطط نفى السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي أن تكون الخطة إسرائيلية بالكامل، قائلاً إن “وصفها بأنها إسرائيلية هو وصف غير دقيق تماماً”، إلا أن الصحيفة ووفق ما نقلته عن مسؤولين إسرائيليين وأشخاص مشاركين فيها وآخرين مطلعين على نشأتها فإنها كانت “من بنات أفكار إسرائيل”، واقترحها مسؤولون إسرائيليون خلال الأسابيع الأولى من الحرب في غزة.
ما لم يتحقق بالقوة العسكرية يتحقق بالمرتزقة
تحت غطاء توزيع المساعدات في قطاع غزة وتقديم الخدمات اللوجستية يمكن أن تؤدي شركات مرتزقة يتم اختيارها بعناية الدور المنوط بها والرامي إلى تحقيق ما عجز عنه الجيش الإسرائيلي، حيث السيطرة على القطاع عمليًا تمهيدًا لاحتلاله عسكريًا وسياسيًا وإنسانيَا، عبر التحكم في كافة مفاصله ووضع كل أطرافه تحت السيطرة الكاملة.
في أواخر 2023 تشكلت شبكة غير رسمية من ضباط ومسؤولين ورجال أعمال أمريكان وإسرائيليين فكروا في تقديم خطة يمكن من خلالها إحكام السيطرة الكاملة على قطاع غزة ولفترة زمنية طويلة وذلك بعدما استقر في يقينهم افتقار حكومة نتنياهو وجيش الاحتلال إلى استراتيجية مكتملة وممتدة لسنوات للتعامل مع غزة فكانت المبادرة إلى وضع خطة بديلة على أن تكون جاهزة تمامًا إذا ما ثبت عمليًا عدم قدرة قوات الاحتلال في تحقيق الأهداف المنشودة.
ووفق مصادر صحفية فقد ضمت تلك الشبكة أسماء عدة من ذوي النفوذ القوي في الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية مثل المستشار الاستراتيجي في مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة (COGAT)، المسؤول عن تنسيق توصيل المساعدات إلى غزة، ورجل الأعمال الأمريكي وليران تانكمان الذي تربطه علاقات قوية بالمكتب الإسرائيلي كذلك المستثمر الأمريكي الإسرائيلي مايكل أيزنبرج.
ومنذ بدايات عام 2024 بدأت النقاشات داخل تلك المجموعة تتحدث عن صعوبة هزيمة حماس بالقوة العسكرية وحدها ومن ثم كان التفكير حول “إيجاد وسائل لتقويض سيطرتها في غزة من خلال التحكم في المساعدات” عبر شركات مرتزقة أمريكية إسرائيلية يمكنها السيطرة على القطاع بشكل غير مباشر فما لم يتحقق بالجيش الإسرائيلي يمكن تحقيقه بالمرتزقة.
من جانبها ترى الصحفية الأردنية رنا الصباغ أن خصخصة توزيع المساعدات ستساعد “إسرائيل” في تحقيق أهداف الحرب الاستراتيجية وذلك بحسب مسؤولين تواصلت معهم، مضيفة في مقطع فيديو نشرتها على حسابها على منصات التواصل الاجتماعي: “ينحشر الغزيين في مواصي خان يونس عند مراكز التوزيع الجديدة كل منتفع يفتح له ملف أمني مع بصمة بصرية تنفصل حماس عن المدنيين وتقضي إسرائيل على المقاتلين وتحرر أسراها وسيعملوا مخيم في المنطقة الإنسانية لكنه غير قابل للحياة لدفع الغزيين للهجرة وهنا التقت استراتيجية إسرائيل الأمنية مع خصخصة المساعدات الإنسانية”.
وتضيف الصباغ المتخصصة في الصحافة الاستقصائية أنه بتتبع تسجيل الشركات التي ستدير عملية توزيع المساعدات في غزة تبين أنها وفي ضوء عدد من المؤشرات تتعمد إخفاء قائمة عملائها ومصادر تمويلها، لافتة أن العقول الأمريكية التي تمتلك تلك الشركات لجأت للملاذات الآمنة لإخفاء كافة المعلومات الخاصة بنشاط الشركات ومصادر تمويلها وضرائبها وخلافه كما استعانت بمحامي أمريكي متخصص في هندسة الضرائب الخاصة بالأثرياء الأمريكان لتأسيس شركتين للمشروع.
وألمحت أن مواقع الشركتين على الإنترنت بدون هوية واضحة ورغم عدم وجود علاقة تربط بين الشركتين لكن مسؤولون أمريكيون يشبهونها بشركة “بلاك ووتر” الأمريكية التي دشنت لحماية المسؤولين الأمريكيين في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين والتي انتهى ملفها بفضائح وجرائم قتل ورشاوى وممارسات غير قانونية مختتمة حديثها قائلة إن “إجراءات خصخصة ملف المساعدات الإنسانية يتكشف شيئَا بعد شيء ومع مرور الوقت ستُملأ غزة بقدامى المحاربين الأمريكيين والمرتزقة الذين سيديرون عملية توزيع المساعدات”.
الشركات المقترحة.. مرتزقة بثياب إنساني
رغم أن هوية الشركات التي ستدير عملية توزيع المساعدات الإنسانية في غزة لم تُحسم بشكل رسمي إلا أنه وبحسب ما نُشر وسٌرب في وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية فإن أسماء شركات تصدرت المشهد بصفتها المرشحة لتلك المهمة.
أولا: مجموعة Safe Reach Solutions المعروفة اختصارًا بـ (SRS) وتعرف نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها “فرقها تجلب خبرة متنوعة من العمل في مناطق الأزمات والحرب مما يمنحنا فهما عميقا للعمليات المعقدة.
من خلال إقران هذه الخبرة بحلول مخصصة تركّز على العملاء ونضمن نجاح المهام حتى في أكثر البيئات تحديا” لافتة أنها متخصصة في “التخطيط والخدمات اللوجيستية والمساعدات الحيوية في أكثر بيئات العالم تعقيدا.. من العمليات التجارية والحكومية إلى الجهود الإنسانية”.
يدير الشركة الرئيس السابق للوحدات شبه العسكرية في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) فيليب إف رايلي الذي وضع الخطة التشغيلية لنقاط التفتيش في ممر نتساريم وعمل سابقًا لدى شركة مقاولات عسكرية خاصة اسمها كونستيليس (Constellis) وهي مالكة شركة الأمن الخاصة الشهيرة والمعروفة سابقًا باسم بلاك ووتر (Blackwater) وفي مقابلة كان قد أجراها مع صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قال إنه بدأ مناقشاته بشأن الخطة مع المدنيين الإسرائيليين في أوائل 2024.
ولـ رايلي سجل مُتخم بالأنشطة التي تقوم بها المرتزقة حيث ساعد في تدريب ميليشيات الكونترا في نيكاراجوا لصالح الـ CIA في ثمانينيات القرن الماضي وبعد عقدين، كان من أوائل عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الذين دخلوا أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 كما أصبح رئيس فرع الوكالة في كابول ثم غادر للعمل كخبير أمني خاص لدى عدة شركات من بينها (Orbis) وهي شركة استشارية مقرها فرجينيا.
وخلال عمله في شركة (Orbis) أعد رايلي نهاية 2024 دراسة مفصّلة عن خطة الاستعانة بمصادر خارجية لإدارة توزيع المساعدات عبر شركات خاصة وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي سجل ممثلوه شركتين في الولايات المتحدة هما S.R.S وG.H.F وفقاً لشخصين مطلعين على هذه الخطوة.
وبدأت بالفعل S.R.S عملها في غزة في يناير/كانون الثاني 2025 حيث تولى رايلي منصب رئيسها التنفيذي وأقامت الشركة نقطة تفتيش مركزية في القطاع لتفتيش سيارات الفلسطينيين أثناء فترة وقف إطلاق النار بين يناير ومارس الماضيين، حسبما أشارت الصحيفة الأمريكية.
ونشرت صحيفة “هآرتس” العبرية عن بدء تجنيد شركة (Orbis) التي يعمل بها رايلي في تجنيد المحاربين القدامى في الجيش الأميركي الذين لديهم ما لا يقل عن 4 سنوات من الخبرة القتالية للقيام بـ”مهام أمنية وجهود إنسانية”، وقالت الشركة إن أولوية التوظيف ستكون للمتحدثين باللغة العربية الذين يتقنون اللهجات المصرية أو الأردنية أو العراقية أو اللبنانية.
ثانيًا: شركة (Global Delivery Company) المعروفة إعلاميًا باسم (GDC) وهي شركة خاصة تُقدم خدمات لوجستية للمنظمات غير الربحية والهيئات الحكومية والشركات والأفراد، وتتواصل مع الحكومات والمنظمات غير الربحية لسد الثغرات وتعمل على إنقاذ المدنيين ونوفر معدات أساسية في المناطق المتضررة مباشرةً من الحروب والكوارث الطبيعية، بحسب ما عرفت نفسها على موقعها الإلكتروني.
- الشركة وعلى موقعها كشفت عن بعض شركاءها أبرزهم:
- وكالة الأنباء اليهودية.
- المجلس الأمريكي الإسرائيلي وتتفاخر بنشاطها وسجلها في حماية اليهود، حيث أنقذت أخر يهودي في أفغانستان، ونسقت نقل 19 يهوديًا جوًا من اليمن وهرّبت سفر التوراة الذي يعود تاريخه إلى 500 عام كما أنقدت آخر اليهود والآثار اليهودية من اليمن بجانب إنقاذها يهود حلب السورية.
كما تبنت الشركة رواية الاحتلال الرسمية بشأن عملية طوفان الأقصى حيث كتبت على موقعها تقول: “في 7 أكتوبر 2023 شهدت إسرائيل هجومها الأكثر دموية منذ عقود عندما تسلل عناصر حماس إلى إسرائيل عن طريق البر والجو والبحر” مما يكشف وبشكل لا ريب فيه دعم الشركة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي في حربها ضد قطاع غزة.
في تصريحات سابقة لنائبة رئيس تحرير صحيفة “هآرتس” العبرية نوعا لانداو في أكتوبر/تشرين الأول 2024 كشفت عن خطة نتنياهو ووزيريه المتطرفين بن غفير وسموتريتش لاحتلال أجزاء واسعة من قطاع غزة وتهجير سكانه وإقامة بنى تحتية تخدم لوقت طويل وذلك عبر الاستعانة بشركة أمريكية إسرائيلية خاصة تقوم بتلك المهمة بعيدًا عن الجيش الإسرائيلي.
لانداو كشفت النقاب عن اسم الشركة المقصودة وهي “جلوبال ديليفري كومباني” وهي شركة مقاولات عسكريّة كتلك الشركات التي نشطت في كل من العراق وأفغانستان ولا تعمل وفق القوانين الدولية، لافتة أن رئيسها هو “موتي كاهانا” الذي قال في تصريحات صادمة لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إنّه “إذا فُزنا بالمناقصة سنقوم بتوجيه رسالةٍ واضحةٍ لسُكّان قطاع غزّة إيّاكم أنْ تقوموا بتجربتنا” على حدّ تعبيره.
وترى الصحفية الإسرائيلية أن نتنياهو وحكومته يبتكرون هذه الأساليب والخطط بهدف منع السلطة الفلسطينية في رام الله من التدّخل في (اليوم التالي) مختتمًة حديثها قائلة “عمليًا فإنّ خطة نتنياهو لليوم التالي في قطاع غزة تعمد على الاحتلال العسكري إدارة القطاع بواسطة مرتزقة، وإقامة المستوطنات وهذه الخطة هي وصفة أكيدة للكارثة القادمة” بحسب تعبيرها.
وتكشف هوية رؤساء شركة GDC عن الكثير من المسكوت عنه بشأن الأهداف الحقيقية من وراء خطة توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع، إذ أن معظمهم خدم في الموساد والجيش الإسرائيلي وله سجل مشين من الانتهاكات والأنشطة الاستعمارية.
مردخاي (موتي) كاهانا.. المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة من مواليد 28 فبراير/شباط 1968 في مدينة القدس المحتلة وهو رجل أعمال إسرائيلي أمريكي هو الأكثر شهرة لعمله مع اللاجئين خلال الحرب الأهلية السورية.
عوديد عيلام.. خدم في الموساد الإسرائيلي لأكثر من أربعة وعشرين عامًا بدأ كعميل عملياتي ميداني يعمل متخفيًا في جميع أنحاء العالم واستمر في العمل لمدة ست سنوات كمدير لمركز مكافحة الإرهاب التابع للموساد وأصبح في نهاية المطاف نائب مدير جميع عمليات الموساد وأسس بعد تقاعده شركة استشارات وإدارة في مجال الأمن الداخلي وتقديم المشورة للحكومات والمؤسسات وهو كاتب صحفي ومعلق تلفزيوني ويقدم تحليلات متخصصة حول القضايا الأمنية والجيوسياسية.
حاليًا يقود عيلام دعوى قانونية رفيعة المستوى أمام محكمة أمريكية نيابة عن عائلات قتلى ومصابين إسرائيليين ضد مسؤولين تنفيذيين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” بسبب تعاونهم- وفق زعمه- مع حماس وفصائل المقاومة.
دورون أفيتال.. تولى قيادة سرية مظليين في أوائل الثمانينيات وقاد العديد من العمليات الخاصة المعقدة في وحدة القوات الخاصة الإسرائيلية، سييريت ماتكال –المعروفة أيضًا باسم “الوحدة” وحصل على العديد من الجوائز من جيش الاحتلال وعمل نائبًا برلمانيًا عن حزب “كاديما” الإسرائيلي وله نشاط بارز في المشروعات التكنولوجية والفضاء السيبراني والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية، وحاليًا يشغل أدوارًا مهمة في مجالس إدارة الشركات المالية والمصرفية الرائدة في إسرائيل.
يوسي كوبرفاسر.. خبير استخبارات وأمن إسرائيلي شغل منصب رئيس قسم الأبحاث في قسم الاستخبارات العسكرية التابع لقوات الاحتلال ومدير عام وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية ويشغل حاليًا منصب مدير المشروع الأول في مركز القدس للشؤون العامة وهو متخصص في الأبعاد الأمنية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ديفيد تسور.. خبرة 31 عامًا في جيش الاحتلال الإسرائيلي وكان أخر منصب تقلده رئيس المخابرات والشخص الثاني في مديرية المخابرات العسكرية (التي يشار إليها غالبًا باسم “أمان”) حيث خدم تحت قيادة موشيه يعلون وخلال الفترة من 1995 إلى 1998 كان قائد الارتباط وحدة القوات الأجنبية وكان مسؤولاً عن علاقات جيش الاحتلال الإسرائيلي مع القوات المسلحة الأردنية والمصرية.
في الأخير.. تسابق “إسرائيل” الزمن لاستثمار المشهد الإقليمي الحالي بكل تفاصيله لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب التي ما يمكن لها أن تحققها في ظروف مغايرة فما عجزت عنه عسكريًا من خلال جيشها النظامي تحاول وبدعم أمريكي كامل تحقيقه عن طريق مرتزقة الحروب.
ومن خلال استراتيجية خصخصة المساعدات الإنسانية التي تهدف ابتداء إلى إعادة تشكيل الخارطة السكانية لغزة عبر تهجير صامت دون استخدام القوة وتغليفه بصبغة إنسانية يتبعها حصار ذكي مطبق يفصل الشمال والوسط عن الجنوب ويقضي على اللحمة الجغرافية والديموغرافية للقطاع تمهيدًا لاحتلال القطاع عمليًا وسط تحذيرات من الوقوع في هذا الفخ.
المصدر: https://n9.cl/e7t22
“معسكرات اعتقال” بغزة.. جوع وفوضى بأول يوم لتوزيع المساعدات الأميركية الإسرائيلية
أثارت مشاهد مصورة من نقطة توزيع مساعدات خاصة بما يسمى “مؤسسة غزة الإنسانية” الأميركية المدعومة من إسرائيل موجة غضب واسعة على منصات التواصل الرقمية.
وجاءت هذه الصور عقب إعلان المؤسسة المدعومة أميركيا وإسرائيليا عن بدء توزيع مساعدات إنسانية في قطاع غزة حيث شهدت النقطة الواقعة جنوبي القطاع تدفق آلاف الفلسطينيين دفعة واحدة مما أدى إلى حالة من الفوضى العارمة.
وأطلق أفراد الأمن التابعون للشركة الأميركية في نقطة المساعدة النار في الهواء لتفريق آلاف الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون منذ ساعات للحصول على طرد غذائي.
واضطر آلاف الفلسطينيين الذين قدموا إلى المنطقة طلبا للمساعدة بعد تجاوز كيلومترات إلى مغادرة المنطقة خاليي الوفاض وفي حالة من الذعر.
وتُظهر صورة انتشرت على مواقع التواصل آلاف الفلسطينيين وهم ينتظرون خلف أسوار وأسلاك شائكة داخل أقسام مغلقة.
وكتب أحد مستخدمي مواقع التواصل ويدعى مصعب أبو طه “معسكر اعتقال. إهانة الناس الذين يعانون الجوع منذ 86 يوما. هذا عار للعالم”.
من جانبها قالت سنا سعيد “مرتزق أميركي جزء من مؤسسة إغاثة غزة يدير عملية جمع الفلسطينيين الجائعين في معسكر اعتقال من أجل توزيع الطعام عليهم”.
وبتجويع متعمد يمهد لتهجير قسري، وفق الأمم المتحدة دفعت إسرائيل 2.4 مليون فلسطيني إلى المجاعة بإغلاقها معابر قطاع غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي في وجه المساعدات الإنسانية ولاسيما الغذاء.
واستبعدت تل أبيب الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية وكلفت “مؤسسة غزة الإنسانية” الإسرائيلية الأميركية المرفوضة أمميا بتوزيع مساعدات شحيحة جدا بمناطق جنوب قطاع غزة وذلك لإجبار الفلسطينيين على الجلاء من الشمال وتفريغه.
لكن المخطط الإسرائيلي فشل تحت وطأة المجاعة بعد أن اقتحمت حشود فلسطينية يائسة مركزا لتوزيع مساعدات جنوب القطاع فأطلق عليها الجيش الإسرائيلي الرصاص وأصاب عددا منهم وفق المكتب الإعلامي بغزة.
شهادات وتقارير: الجوع القاتل يدفع المواطنين للاقتحام
وفق ما نشرته القناة العبرية “12” فإن الضغط الهائل والاكتظاظ الشديد في موقع المساعدات أدى إلى حالة فوضى عارمة حيث لم يكتف المواطنون الجوعى بأخذ المساعدات بل استولوا على كل ما في الموقع من تجهيزات.
أحد الشهود وصف المشهد بـ”الانفجار الإنساني الناتج عن حصار شامل وتجويع متعمّد دام قرابة ثلاثة أشهر”.
أكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن مشروع توزيع المساعدات في ما يسمى “المناطق العازلة” انتهى بفشل ذريع واصفًا ما جرى بأنه دليل حي على انهيار ما تحاول سلطات الاحتلال تسويقه على أنه مبادرة إنسانية.
وقال البيان إن ما حدث هو نتيجة مباشرة لحصار خانق أدى إلى مجاعة شديدة دفعت المواطنين لاقتحام مراكز التوزيع رغم المخاطر.
وطالب المكتب بفتح المعابر فورًا ودون قيد وتمكين المنظمات الإنسانية الرسمية من العمل مع ضرورة إرسال لجان تحقيق دولية مستقلة لتوثيق ما وصفه بـ”جريمة التجويع” وتقديم قادة الاحتلال إلى المحاكمة.
حقوقيون: إدارة الجوع كسلاح إبادة
رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده نشر مقارنة صادمة بين معسكرات الهولوكوست في تشيبينيا ببولندا ومراكز توزيع المساعدات في غزة اليوم. وكتب في حسابه عبر منصة “إكس”: “تشابه قاتل: تجويع ممنهج، طعام يُقَدَّم بالقطّارة ومحاصرون يُتركون بين الموت البطيء والذل المقصود إدارة الجوع كسلاح لا تزال حيّة فقط الوجوه تغيّرت”.
وكشف أن المساعدات التي تم توزيعها في رفح قد تم الاستيلاء عليها من قبل الشركة الإسرائيلية-الأمريكية بعد أن خدعت مؤسسة “رحمة” العالمية واستولت على عدد من شاحناتها.
المصدر: https://n9.cl/60vlr https://n9.cl/w8637
غزة بين فكَّي الحسم والإبادة: قراءة في أهداف “عربات جدعون”
أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي المرحلة “التمهيدية” من عملية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة تحت مسمى “عربات جدعون“ في خطوة وصفها بأنها الأكثر “فعالية” لتحقيق ما يسميه “النصر المطلق” وهو الهدف الذي يسعى إليه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو منذ ما يزيد عن تسعة عشر شهرًا من حرب الإبادة المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.
عشية انطلاق العملية عنونت صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية صفحتها الرئيسية بالقول: “لا انسحاب من غزة قبل القضاء على حماس وعودة الرهائن” مشيرة إلى أن الحملة المرتقبة تختلف جذريًّا عن سابقاتها من حيث النهج والنتائج المستهدفة إذ تقوم على فرض وجود عسكري طويل الأمد داخل القطاع إلى حين تفكيك بنية حركة “حماس” السياسية والعسكرية.
وعلى الرغم من أن هذه العملية تقدِّم نفسها كخطوة ميدانية محضة تستهدف ما تبقَّى من قدرات المقاومة وبنيتها التحتية فإن جوهرها يتجاوز الأبعاد العسكرية التكتيكية ليتموضع ضمن الرؤية الاستراتيجية الأوسع التي تبنَّاها اليمين الصهيوني المتطرف تحت عنوان “خطة الحسم” وهي العقيدة الصهيونية التي ترى في الحسم العسكري وسيلة نهائية لإخضاع الشعب الفلسطيني وكسر إرادته.
من التردد إلى “عربات جدعون”
مع تسلُّم إيال زامير مهامه بصفته رئيس جديد لأركان جيش الاحتلال الإسرائيلي سارع إلى إنجاز خطة لتحديث البنية القيادية في هيئة الأركان وإعادة تشكيل صفوف الضباط الرئيسيين.
ترافق هذا التحول مع إطلاق تقييم عملياتي شامل للعمليات العسكرية السابقة في قطاع غزة ركز على رصد مكامن الفشل والثغرات التي منعت الجيش من تحقيق “نتائج حاسمة” في جولات القتال الماضية في مقابل خطط المقاومة الفلسطينية سواءٌ على الصعيد الدفاعي أو الهجومي.
وفي ظل استئناف حرب الإبادة بلوَر جيش الاحتلال أربعة سيناريوهات رئيسية لمواصلة الحرب على غزة جرى تداولها في النقاشات الداخلية بين المؤسسة الأمنية والقيادة السياسية وتحديدًا في إطار المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) حسب ما كشفته صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.
يتمثل السيناريو الأول بالتوصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار يتضمن الإفراج عن جميع الأسرى مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من القطاع وضمانات دولية بألَّا يُستأنَف القتال.
وقد عُدَّ هذا السيناريو أقرب إلى شروط حركة “حماس” ورُفض من قِبل القيادات الأمنية والسياسية الإسرائيلية التي عدَّته انتصارًا معنويًّا للحركة، وخطرًا استراتيجيًّا من شأنه تشجيع تكرار نموذج 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 لا سيما فيما يتعلق بتوظيف “الاختطاف” كأداة ضغط سياسي وأمني في المستقبل.
يقوم السيناريو الثاني على عقد صفقات تبادل متدرجة على مراحل تتضمن وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار يمتد لأسابيع أو أشهر يُستغل في خلاله الوقت لإعادة رسم ملامح “اليوم التالي لحماس” كما تسميه المؤسسة الأمنية.
ويُعَدُّ هذا السيناريو مفضلًا لدى بعض دوائر صنع القرار في “إسرائيل” غير أن قيادة المقاومة حسب التقديرات ترفضه بشدة وتصر على إنهاء كامل للحرب وانسحاب الجيش من القطاع كشرط لأية صفقة.
وأما السيناريو الثالث فيقوم على تعبئة واسعة لقوات الاحتياط وتنفيذ هجوم بري شامل بمشاركة عدة فرق عسكرية بهدف السيطرة على أغلب مناطق القطاع وتطويق التجمعات السكانية وتدمير البنية التحتية للمقاومة وعلى رأسها شبكات الأنفاق.
ومع أن هذا الخيار يحظى بدعم واضح من وزراء “الصهيونية الدينية” ضمن حكومة نتنياهو إلا أن الجيش الإسرائيلي كان ينظر إليه بتحفظ، بسبب كلفته البشرية العالية واحتمالات تعريض الأسرى للخطر إلى جانب التبعات الدولية والقانونية المترتبة على تولي “إسرائيل” إدارة الشؤون المدنية في قطاع غزة.
وأما السيناريو الأخير والذي كان الأكثر واقعية في نظر المؤسسة الأمنية تمثل بالتصعيد التدريجي والمركَّز عبر عمليات قضم محدودة ومستمرة تُرفَق بتقييد إدخال المساعدات إلى القطاع وفرض رقابة صارمة عليها وذلك بهدف استنزاف المقاومة تدريجيًّا وخلق ضغط شعبي داخلي على “حماس” من أجل القبول بصفقة تبادل أو تقديم تنازلات ميدانية.
في هذا السياق أصر الجيش الإسرائيلي على إبقاء مسؤولية توزيع المساعدات في يد منظمات دولية أو أطراف خارجية لتجنُّب استنزاف قواته في عمليات إدارة مدنية أو خدمية، ولتقليل الاحتكاك المباشر مع السكان.
وأظهرت التسريبات من داخل اجتماعات الكابينت جوًّا مشحونًا بسبب التباينات الحادة بين قادة الصهيونية الدينية الذين يطالِبون بتولي الاحتلال المسؤولية المباشرة عن إدارة غزة بما يشمل توزيع المساعدات وإعادة فرض حكم عسكري صريح، من جهة، والمؤسسة الأمنية التي تُحذر من هذا السيناريو وتُفضل مقاربات أكثر تدرجًا وأقل تكلفة من جهة أخرى.
في نهاية المطاف حسم الكابينت الإسرائيلي قراره، وأقر في مطلع أيار/مايو 2025 إطلاق خطة “عربات جدعون” التي تُمثِّل مزيجًا من سيناريوهَي الحسم والتصعيد التدريجي بهدف تحقيق “حسم عسكري وسياسي” في غزة بما يتماهى مع طروحات اليمين الصهيوني ويخدم هدف نتنياهو في تحقيق “نصر معنوي” يعوِّض إخفاقات الحرب الممتدة.
على طريق الحسم
في 18 مايو/أيار 2025 أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء مرحلة جديدة من حربه على قطاع غزة عبر إطلاق العملية العسكرية التي تحمل اسم “عربات جدعون“ وتشمل تنفيذ هجمات برية في شمالي القطاع وجنوبيه بإسناد من سلاح الجو. جاء هذا الإعلان بعد إصدار الحكومة الإسرائيلية أوامر استدعاء لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط في مؤشر على الاستعداد لحرب واسعة ومعقَّدة.
وحسب “يديعوت أحرونوت” تتضمن العملية ثلاث مراحل متتالية:
بدأ أولها فعليًّا من خلال ضربات جوية مكثَّفة واقتحامات ميدانية محدودة في مناطق مختارة. تتبعها مرحلة ثانية وتشمل توسيع العمل البري بالتوازي مع استمرار الضربات الجوية ونقل أعداد كبيرة من السكان نحو “ملاجئ آمنة” في رفح تحت ما يُسمى بخطة “الإخلاء الإنساني”.
وأما المرحلة الثالثة فتُتوَّج باقتحام بري واسع يهدف إلى احتلال تدريجي لأجزاء كبيرة من قطاع غزة وترسيخ وجود عسكري طويل الأمد يسمح بتشكيل واقع جديد على الأرض.
وعلى الرغم مما يقدِّمه الخطاب الرسمي من شعارات حول “تحرير المختطفين” و”القضاء على حماس” فإن الأهداف الحقيقية للعملية تتجاوز ذلك بكثير وتتمحور حول فرض سيطرة عسكرية شاملة تُتيح لجيش الاحتلال إدارة حركة السكان في غزة عبر إنشاء مناطق عازلة أشبه بـ”الغيتوهات” تقيِّد حركةَ المدنيين وتَمنح القواتِ الإسرائيليةَ حريةَ حركةٍ ميدانيةٍ في بقية أرجاء القطاع.
- كما تهدف العملية إلى إعادة ترسيم الخريطة السكانية للقطاع عبر تهجير منظم إلى الجنوب ولا سيما إلى ما بعد محور “موراغ” حيث تخطط “إسرائيل” إلى إنشاء منطقة إنسانية أولية تستوعب نحو 100,000 نازح توسَّع تدريجيًّا.
- تستهدف العمليةُ أيضًا تفكيك سلطة حركة “حماس” وتدمير بنيتها التحتية التنظيمية والعسكرية دون تقديم بديل وطني، بل بفرض فراغ أمني تتحكم به منظومة الاحتلال.
- كما تتضمن تصورًا لإدارة المساعدات الإنسانية ضمن خطة خاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية بالتنسيق مع شركات أمريكية ومنظمات دولية مختارة، وفق شروط أمنية مشدَّدة بحيث لا يُسمَح سوى لممثِّل واحد عن كل عائلة بالحصول على سلة غذائية أسبوعية تزن 70 كغم بعد اجتيازه للفحص الأمني.
وبهذا تتحول المساعدات إلى أداة إضافية لإعادة تشكيل التوزيع السكاني وهندسة المجتمع الفلسطيني قسرًا.
- لا تقتصر العملية على بُعدها العسكري بل تَحمِل اسمًا مستمدًّا من أسطورة دينية وتاريخية صهيونية. فـ”عربات جدعون” تعني بالعبرية “ميركافوت جدعون” وتحمل دلالات توراتية تشير إلى شخصية جدعون التي وردت في سفر القضاة كمنقذ لبني إسرائيل من المديانيين.
وفق الرواية التوراتية قاد جدعون ثلاثمئة مقاتل فقط وهزم جيشًا متطورًا وكبيرًا باستخدام خطة عسكرية ذكية وأدوات بسيطة منها العربات.
- كما استخدمت “إسرائيل” الاسم ذاته (“عملية جدعون“) في نكبة العام 1948 في عملية تهدف إلى احتلال منطقة بيسان وطرد سكانها ما يوضح أن التسمية ليست اعتباطية بل تستبطن نية استعمارية مبيَّتة لإعادة إنتاج النكبة من جديد هذه المرة في غزة.
تسعى الخطة إلى خلق بنية هجينة من الإدارة العسكرية والتمويه المدني عبر شركات ومنظمات إنسانية موالية أو خاضعة لشروط أمنية، في تكرار لنموذج “الإدارة الأمنية” المطبَّق في الضفة الغربية.
إن خطورة “عربات جدعون” لا تكمن فقط في تكلفتها البشرية على المدنيين بل في كونها مشروعًا أمنيًّا سياسيًّا أيديولوجيًّا يسعى إلى تفكيك هوية الشعب الفلسطيني وإعادة إنتاج مفاهيم السيطرة والشرعية عبر مزيج من التفوق العسكري والأسطورة الدينية في تحدٍّ سافرٍ للقانون الدولي ومبادئ العدالة والكرامة الإنسانية.
المصدر: https://n9.cl/6nw35f
جيش الاحتلال يمهّد لشق محور “كيسوفيم”.. تفاصيل عملية “خان يونس”، وكيف يحشد الاحتلال لها؟
منذ أيام تشهد المناطق الشرقية من محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة تحركات عسكرية مكثفة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتم رصد كيف تتقدم قوات الاحتلال الإسرائيلي فيما بات يُعرف بعملية “عربات جدعون”، كما كشفت تقارير إسرائيلية عن تفاصيل العملية.
فبالتزامن مع القصف المدفعي الذي لم يتوقف منذ أيام واصلت الآليات الإسرائيلية تقدمها إلى عمق المدينة في ساعات الفجر الأولى من يوم الإثنين 26 مايو/أيار 2025 حيث شرعت في عمليات تجريف ونسف للمباني في بلدات القرارة وحي الفخاري والفراحين وعبسان.
وأفادت مصادر محلية أنه “تم رصد توغل عشرات الدبابات والجرافات من طراز D9 دخلت من بوابة كيسوفيم وواصلت تقدمها إلى عمق بلدة القرارة والزنة حيث قامت هذه الآليات بعمليات نسف وتفجير للمنازل وقد سُمع صدى هذه الانفجارات في مدينة غزة على بعد 20 كيلومتراً”.
كما أفاد شهود عيان عن تدشين الاحتلال أبراج مراقبة ورافعات ضخمة مزودة برشاشات آلية بمحاذاة بوابة كيسوفيم وتقوم هذه الرافعات برصد أي تحركات للمواطنين كما تُطلق النار بشكل مباشر على كل هدف يتحرك في نطاق يزيد عن ثلاثة كيلومترات.
وفي الوقت ذاته كشفت مقاطع فيديو بثّتها وسائل إعلام إسرائيلية عن دخول دبابات إسرائيلية إلى محيط منطقة مستشفى غزة الأوروبي شرق المدينة وهو ما يشير إلى بدء الجيش الإسرائيلي بتطويق وعزل محافظة خان يونس من الجهتين الشمالية والجنوبية.
زامير يمنح الضوء الأخضر لبدء عملية خان يونس
سبقت التحركات العسكرية الإسرائيلية المتسارعة حالياً زيارة مفاجئة أجراها رئيس الأركان إيال زامير يوم الأحد 25 مايو/أيار إلى منطقة العمليات شرق خان يونس حيث التقى بقادة الفرق والألوية والكتائب المشاركة في العمليات، وقال مخاطباً جنوده: “قضينا على لواء رفح وآن الأوان أن نقضي على لواء خان يونس”.
وفُسّر كلام زامير من قبل الأوساط الإسرائيلية على أنه منح الضوء الأخضر للجيش لبدء عملياته العسكرية شرق خان يونس في إطار ما بات يُعرف بعملية “عربات جدعون”.
وفي سياق متصل أفادت هيئة البث الإسرائيلية “كان 11″ نقلاً عن مصادر في الجيش أن الجيش أدخل خلال الساعات الـ24 الأخيرة كافة ألوية المشاة والمدرعات النظامية إلى قطاع غزة تنفيذاً لعملية “عربات جدعون”.
وأفادت المصادر الإسرائيلية أن عدد القوات المتوقع مشاركتها في العمليات يبلغ 5 فرق عسكرية، تستعد لفرض سيطرتها على قطاع غزة مع التركيز على منطقة خان يونس المتوقع أن تشارك فيها الفرقتان “36” و”98″.
من هي الفرق المشاركة في العمليات؟
وفقاً للمراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي دورن كدوش، فإن الفرق التي تم حشدها لعملية خان يونس هي:
- الفرقة 36 وتُعرف بـ”عصبة البركان”، وتضم 5 ألوية: “غولاني”، “عتصيوني” (مشاة)، اللواء (7) مدرعات، عصبة براك (188) مدرعات، عصبة غولان (282) مدفعية.
- الفرقة 98 وتُعرف بـ”عصبة النار”، وتضم ألوية المظليين (35)، “عوز” (89)، عصبة مقلاع داوود (55)، عصبة نصف النار (551)، عصبة حد الرمح (5515)، “لبيد” (492)، عصبة البجع (8237)، ووحدة الكوماندوز.
أما في شمال القطاع فمن المقرر أن توكل المهمة للفرقة 252 المعروفة بـ”عصبة سيناء”، وتضم ألوية: تابور (454)، لواء القدس (16) مشاة، النقب (12) مشاة، هرئيل (10) مدرعات، اللواء الساحق (14) مدرعات.
وفي وسط القطاع فمن المقرر أن تتولى الفرقة 16 قيادة العمليات وتضم 5 ألوية: “الناحال” (993)، “غفعاتي” (84)، عصبة أعقاب الحديد (401) مدرعات، عصبة عامود النار (215) مدفعية، وعصبة الشارون (5).
أما الفرقة 143 أو ما تُسمى بـ”فرقة غزة” فمن المتوقع أن يتركز عملها في غلاف غزة كتأمين دفاعي وتضم 3 ألوية: هغيفن (7643)، قطيف (6643)، ولواء (261) إسناد مشاة.
هل يسعى الاحتلال لشق محور كيسوفيم؟
تشير المعطيات الميدانية إلى نية إسرائيل استكمال خطة “الأصابع الخمسة” لإحكام القبضة الأمنية على قطاع غزة وهي الخطة التي تضمن سيطرتها على 5 محاور أساسية في القطاع حيث يتواجد الجيش خلالها بشكل دائم، بهدف تنفيذ عمليات خاصة وخاطفة وقطع التواصل الجغرافي بين المحافظات.
ويُسيطر جيش الاحتلال حالياً على أربعة من أصل خمسة محاور وهي:
- فيلادلفيا: الفاصل بين القطاع ومصر
- موراغ: الفاصل بين رفح وخان يونس
- نتساريم: الفاصل بين وسط القطاع ومدينة غزة
- مفلاسيم: الفاصل بين غزة وشمال القطاع
ويمتد المحور الجديد الذي تنوي إسرائيل تشييده من موقع “كيسوفيم” العسكري شرق بلدة القرارة وحتى منطقة المواصي غرب القطاع، ويُتوقع أن يصل طوله إلى 12 كيلومتراً فيما لا يُعرف حتى اللحظة عمق المحور وما إذا كان سيتم توسيعه لبناء منطقة عازلة كما حدث في محور نتساريم الذي وصل عمقه إلى 7 كيلومترات.
وتهدف إسرائيل من وراء شق هذا المحور إلى تحقيق عدة أهداف منها:
- تسهيل انتشارها العسكري.
- وخلق مناطق آمنة خالية من السكان.
حيث دفعت أوامر الإخلاء الإسرائيلية التي سبقت تنفيذ العملية شرق خان يونس بنزوح أكثر من 200 ألف من أهالي المنطقة الشرقية نحو غرب القطاع.
وكان نتنياهو قد ألمح في 19 مايو/أيار إلى شكل الخطة الإسرائيلية التي ينوي تنفيذها في القطاع.
حيث قال: “هجوماً برياً جديداً سيتم على إثره نقل سكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة وأن الهجوم البري الجديد سيتضمن احتفاظ القوات الإسرائيلية بالأراضي التي استولت عليها” الأمر الذي يثير مخاوف من أن يؤدي إلى إنشاء وجود مستدام في غزة.
وعلى الرغم من التحشيد العسكري الإسرائيلي في القطاع إلا أن وتيرة العمليات وتقدمها يسير ببطء شديد على عكس العمليات العسكرية السابقة.
وهو ما يعكس وجود أصوات إسرائيلية تحديداً من المعارضة تعارض شن عملية موسعة قد تؤدي إلى نتائج عكسية من خلال قتل من تبقى من الرهائن في غزة هذا بالإضافة إلى تزايد الضغوط الدولية التي تتعرض لها إسرائيل بسبب تردي الوضع الإنساني في القطاع.
المصدر: https://n9.cl/7a1y2